رئيس التحرير
عصام كامل

بلاغ مفتوح إلى رئيس هيئة النيابة الإدارية (1)

يعلم الجميع نُبل غايتِك، وحُسن خُلقك ونيتك ومن ثم فلا مناص من طرق بابك، ورفع الصوت بالنداء عليك؛ لتفصل فيما تنحى عنه من قبلك لاعتبارات غير مفهومة، وأسباب غير معلومة رغم سابقة نشر إحدى مهازل العدوان على المشروعية دون حراك سوى لطمس ملامح تلك المهزلة والتستر عليها.

 

فى ظاهرة فريدة من نوعها، وفي لحظة بكت فيها العدالة واهتزت أركانها خرج علينا قرار رئيس هيئة النيابة الإدارية الأسبق رقم 202 لسنة 2016 ليهدم كل معلوم في القانون ويغتال حقوق شباب هذه الأمة حيث فقد مشروعيته بتعيين أربعة موظفين من ذوي الحظوة وقد اكتنفته مخالفات تمثلت في عدم الإعلان عن مسابقة وانعدام الشفافية والمساواة، بالإضافة إلى الجهل القانوني الشديد بالتطبيق الخاطئ لنظام التعيين بالاختيار المنصوص عليه بقانون العاملين المدنيين بالدولة.

 

هل أصبحت مدارس الإخوان منشآت حكومية؟

 

وأسردُ لمعاليكم بعض التفاصيل المشينة التي جرت بمعرفة مُصدِر القرار التي بدأت بتاريخ 13 يونيو 2016 حيث أُعِدَّت مذكرة بمعرفة إدارة الموارد البشرية بإدارة النيابات بشأن الطلبات الواردة من رئيس الهيئة الأسبق الخاصة بتعيين 4 موظفين على الدرجة الثالثة التخصصية، وأسوق هنا بعض "العجب العجاب" من تلك المذكرة التي يجب أن تُدَرَّس في كليات الحقوق لمن يرغب أن يكون مديرًا عامًا للموارد البشرية ومن ذلك الآتي:

 

1 ــ وردت الطلبات من مكتب رئيس الهيئة الأسبق يوم 13 يونيو 2016 وأعدت المذكرة في ذات التاريخ وعرضت عليه في اليوم التالي، ومن هنا يتضح أن سرعة العمل داخل الهيئة في ذلك التاريخ تفوق سرعة العمل بالبيت الأبيض الأمريكي.

 

اقرأ أيضا : حكاية القاضي الإنسان «محمد عيد محجوب»

 

2 ــ استهل محرر المذكرة بوجود طلبات مقدمة من 4 أشخاص لظروفهم الخاصة للتعيين وكأن الظروف الخاصة هي أحد أسباب التعيين دون التفات إلى باقي أبناء الشعب.

 

 3 ــ أعقب بيان الظروف الخاصة للمعينين الإشارة إلى أنه عقب تعيين بعض الموظفين على درجة باحث ثالث تنمية إدارية ــ بأنه ما زالت النيابات تعاني عجزاً شديداً في الإداريين بعد إلغاء الندب والتكليف، ونفهم من ذلك أن ما لم يسده المعينون، وهم أكثر من 2000 موظف، سيسده هؤلاء الأربعة الأكفاء الحاصلون على تقدير مقبول.

 

اقرأ أيضا : رئيس هيئة قضائية يخدش رونق قضاء مجلس الدولة!

 

كما نفهم أيضاً أن عجز الإداريين تسده الهيئة من حملة المؤهلات العليا للعمل سكرتارية تحقيق، ونفهم كذلك أن إلغاء الندب والتكليف لعدد 1000 مكلف ومنتدب يسده عدد 4 موظفين!

 

هذا ما يُفْهَم من تلك المذكرة التى أعدها مدير الموارد البشرية الحاصل على ليسانس الحقوق ووافق عليها آخرون بذات المؤهل والدرجة، ومستشارون بالهيئة.

 

اقرأ أيضا : هل يرتبط "النص التشريعي" بأهداف الدولة القانونية؟

 

4 ــ تفضل محرر المذكرة بإحاطة رئيس الهيئة حينذاك بأنه بالتنسيق مع إدارة الموازنة توافر درجات مالية للموظفين الأربعة.

وأود أن أوضح لكم أن التنسيق المشار إليه قد يكون من إجراءاته إلغاء درجات من مجموعة نوعية أخرى واستبدالها بالمجموعة النوعية للموظفين الأربعة.

 

5 ــ استند محرر المذكرة إلى المادة الثالثة مكرر من القانون رقم 182 لسنة 2008 التي تمنح رئيس الهيئة سلطة وزير التنمية المحلية ورئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.

 

6 ــ ما لبث محرر المذكرة يسترسل في العرض القانوني موضحاً نص المادة 185 من دستور جمهورية مصر العربية والمتضمن "تقوم كل جهة أو هيئة على شئونها" ويستنتج من ذلك أحقية رئيس الهيئة في عزلِ هيئتهِ عن العالم الخارجي ويفعل بها ما يشاء، ويهب من يشاء ويمنع من يشاء.

 

اقرأ أيضا:  المسئولية الإشرافية للرئيس الإداري.. هل تستوجب المساءلة؟

 

ولِمَ لا وقد أجرى حركة تعيينات لا زال الجدل يثور حولها حتى اليوم، بل وقد جعل من مكتبه ملاذاً لأسرته، فعين زوجته مديرةً لمكتبه، وخصص لابنتها إحدى سيارات الهيئة، إلى غير ذلك مما لا يتسع المقام لذكره.

 

7 ــ أكد محرر المذكرة استقلال النيابة الإدارية في ضوء نص المادة 197 من الدستور،  ثم كررها مرة ثانية كأنه يخشى أن يترك ورقة الإجابة فارغة.

 

 8 ــ رفع محرر المذكرة الأمر إلى مدير إدارة النيابات الذي أشر بعبارة "أوافق".

 

لعلي لا أتجاوز إن قلت إن المعمول به بالهيئة هو التسلسل الوظيفي الذي يوجب تأشير "العضو الفني" على تلك المذكرة بالعرض على وكيل إدارة النيابات للشئون الإدارية الذي يقوم بدوره برفعها إلى مدير إدارة النيابات، إلا أن ذلك الأمر لم يحدث وأغلب الظن أن تأشيرة الموافقة تخص رئيس الهيئة حينذاك، وبما يعني أن الأمر لم يكن يحتمل التأجيل لأن رئيس الهيئة أوشك على الرحيل حيث كان في فترة الريبة ويجمع أوراقه المبعثرة فلا بد من تحقيق كافة رغباته دون مناقشة أو معارضة.

 

اقرأ أيضا: هل يستمر «وزير التربية والتعليم ونائبه» مع الحكومة القادمة؟

 

9 ــ لعلي لا أقول كلاماً مفاجئاً ولكن الأسماء المذكورة في المذكرة لم تكن في قوائم الاحتياطي ولم يتقدموا أصلاً بموجب الإعلان رقم 1 لسنة 2015 ــ فمن أين جاء هؤلاء؟

 

كان ذلك أول القصيدة التي ألفها القائمون على تلك المهزلة، ولا بد من إلقاء ما تبقى من أبياتها الخربة، ولكني أعلم أنها أزكمت أنوف الشرفاء، و أبكت عُيون البسطاء، وأدمت قلوب رجال القانون ــ فلنا لقاء لاحق لاستكمال تلك القصيدة الفاسدة.. وللحديث بقية.

الجريدة الرسمية