رئيس التحرير
عصام كامل

للبلهاء العرب: التمثيلية انتهت.. ننتظر النص الجديد!

لابد أن العالم كله الآن انتقل من وضع المترقب لوقوع مصيبة كارثية في الخليج، بين إيران وإمريكا فوق أرض العراق، اإى وضع المسخسخ من شدة الضحك!.. عفوا لاستخدام اللفظ العامى، لكنه في الحقيقة معبر جدا عن المهزلة العسكرية الكوميدية لحد ال FARCE (الملهاة) التى جرت خلال الثمانية والأربعين ساعة الماضية.

 

بالطبع وضع الضحك حتى الانقلاب على الظهر خير من وضع انفجار المنطقة، وتوحش أسعار البترول والذهب.. لكن ما جرى فعلا يعتبر مشهدا دوليا فارقا فى إدارة الصراعات العنيفة بين الدول .

بدأت القصة بالطبع بالتحرش بالسفارة الأمريكية وحرق بوابات فيها، ثم تنصت المخابرات الغربية على سليمانى يجهز لعملية كبرى لقتل مئات الأمريكيين، تبع ذلك قرار بلا إبطاء من ترامب بتصفية مؤسسة الرعب قاسم سليمانى الذي كان يجب قتله منذ خمسة عشر عاما لولا تردد أوباما ومن سبقه!

 

قتل سليماني بالصواريخ "هيل فاير" وتمزيقه أشلاء أحدث فزعا وغضبا هائلين، وعكست دموع المرشد ونهنهته، والملايين التى حضرت مراسم دفن سليماني، وداست علي 56، ماتوا من التدافع، غير الـ 213 جريحا.. مدى الضغط الشعبى العارم الذى يجب ان تستجيب له حكومة المرشد الايراني. تابعنا قوائم الأهداف التى سيقصفها الطرفان بالتبادل إن انتقمت إيران..

 

اقرأ أيضا: وراء الستار فى عقل أردوغان

 

وفجأة ومع فجر الأربعاء، أطلقت إيران 14 صاروخا على قاعدة عين الأسد، ثانى أكبر القواعد الأمريكية بالعراق، بها 300جندى أمريكى، فضلا عن أعداد أخرى محدودة لقوات التحالف.. الغربى. كما أطلقت صاروخين على القاعدة العسكرية الأمريكية الثانية فى أربيل بكردستان العراق ذات الحكم الذاتى في اطار فيدرالى .

لا الصواريخ الـ 14 قتلت جنديا واحدا ولا الصاروخان بلغا هدفهما في قاعدة آربيل، بل سقطا على قرى مجاورة للقاعدة .

 

هللت البيانات الإيرانية لمقتل أكثر من 80 جنديا أمريكيا، وتحدث المرشد خامنئي عن صفعة على وجه أمريكا، وتحدث ظريف وزير الخارجية عن بداية نهاية الوجود الأمريكي في المنطقة .

 

فى الوقت ذاته، غرد ترامب: كله تمام . All IS WELL ووعد الأمريكيين بييان ألغى ثم عاد فخرج ببيان مع دقات السادسة بتوقيت القاهرة.. ليقول إن ايران تراجعت فيما يبدو وإن جنوده لم يصب منهم أحد، وعلى الأمريكيين أن يشعروا بالسعادة وأنه لن يرد عسكريا، لكنه فرض عقوبات اقتصادية فورية صارمة.

من جهته اعلن ظريف بشكل ظريف: انتهى كل شيء. تم الرد ولن يكون هناك تصعيد.

 

مابين الفجر وإطلاق الصواريخ وبيان ترامب ومن خلفه انتصب نائبه ثم وزير دفاعه ورئيس أركانه بالبزات العسكرية لزوم التخويف، أخذت تتكشف تباعا فصول الكوميديا السياسية الفريدة الفجة.. رغم نهايتها السعيدة. الإيرانيون أعلنوا عن القتلى الثمانين في صفوف القوات الأمريكية، والأمريكان أعلنوا أنه لا يوجد قتيل ولا مصاب واحد. إما أن الإيرانيين كاذبون، أو أن الأمريكيين كاذبون. أحدهما كاذب بالضرورة. مع الوقت ظهر أن الإيرانيين يكذبون.. ولو ظهرت نعوش الجنود الأمريكان لكان حقيقيا..

 

اقرأ ايضا: الصحة العقلية للإدارة الأمريكية

 

كيف؟ قبيل تنفيذ ضربة الصواريخ الإيرانية على قاعدتى عين الأسد وأربيل. أبلغت طهران الجيش العراقى والحكومة العراقية بعزمها الضرب. وبلا ادنى ريب فإن هذا الابلاغ وصلت فحواه الى البيت الأبيض و البنتاجون . وإذا كان هذا الرأى ليس حاسما فى دلالته، فإن ظريف نفسه صرح بأن حكومته أبلغت واشنطن عبر سويسرا، راعية المصالح الأمريكية لدى طهران، بأن الحرس الثورى سيضرب القاعدتين الأمريكيتين بالصواريخ !

 

هل يصدق العقل هذا إن لم يكن سخريا !؟

 

ثم الدليل الثالث أن الصواريخ الأربعة عشر سقطت فيما يبدو عمدا فى منطقة خالية بطبيعتها من اى جنود أمريكيين او التحالف. ثم الدليل الرابع المفجع المضحك.. أن صواريخ كثيرة لم تنفجر.. أو انحرفت عن مسارها.. ثم الدليل الأكثر إيلاما ومدعاة للضحك أن الصواريخ الايرانية أطلقت بدون رؤوس متفجرة! حديد وصاج أجوف! عفوا لعلامات التعجب الكثيرة.. لكنها الحقيقة.

 

انتهت التمثيلية..

لكن كيف سيكون رد فعل الرأي العام الإيرانى تجاه ما أعلنه وزير خارجية بلاده بأن إيران أبلغت عدوها بعزمها ضربه لكى يحتاط؟ ! إيران خدعت شعبها.. وكذبت عليه بهدف التهدئة. ألن يعتبرها حكومة عميلة وأن دموع المرشد كاذبة كصواريخه؟ نعم انتهت التمثيلية نهاية سعيدة.. و ى انتظار نص جديد يتفرج عليه البلهاء العرب بتذاكر فادحة الثمن.

 

الجريدة الرسمية