رئيس التحرير
عصام كامل

بطل "السبت الحزين".. وداعا!

هذه وقائع حقيقية عن أشرف تنافس يمكن تخيله على كوكب الأرض.. هذه قصة بطولة حقيقية علينا أن نحي ذكرى أصحابها.. لن تجدها في كتابات صلاح منتصر ولميس جابر ولا يوسف زيدان ممن لا يذكرون عن هذه الفترة إلا ما نعرفه وتعرفونه..

كان البطل سمير نوح أطال الله عمره قد عاد من سيناء بأول أسير إسرائيلي في حرب الاستنزاف.. اسمه يعقوب رينيه وكان ذلك صيف 1968.. كان ذلك ضمن المجموعة 39 قتال الشهيرة بقيادة البطل الأسطوري إبراهيم الرفاعي، لكن أصبحت المنافسة في العمليات والعودة بالأسرى تحديدا بين الجيشين الثاني والثالث محل اعتزاز الجميع والفخر بها.. حتى حشد اللواء عبد المنعم خليل رجاله لعملية نوعية كبيرة على أرض سيناء..

عملية مركبة ومعقدة بعد أن كانت معلومات أجهزة الاستطلاع والمعلومات تفيد بتسيير أقول وأرتال عسكرية اسرائيلية بشكل شبه يومي! بعد اجتماعات مكثفة انتهت القيادة من التخطيط للعملية الكبيرة.. وعند انتهاء ليل 29 مايو 1970 كانت مجموعتان الأولى من قوات الصاعقة وتحديدا من الكتيبة 83 والثانية من المشاة وتحديدا من اللواء 135 تعبران إلى الضفة الأخرى قبالة بورسعيد في هدوء تام..

اقرأ أيضا: عن صاحب أعظم وداع فى التاريخ!

 

الأولى مكونة من 10 صف ضابط وجندي بقيادة ملازم محمد التميمى وملازم عبد الحميد خليفة، والثانية مكونة من 21 فردا بقيادة النقيب شعبان حلاوة..

اتخذت القوتان موقعيهما وبقوا طوال الليل في حالة استنفار وجاهزية حتى جاءت المعلومات عند العاشرة صباحا بتحرك رتل إسرائيلي مكون من أربع دبابات ومثلها من المدرعات متجهة من القنطرة شرق إلى جنوب رأس العش، التي شهدت أول عمليات الاستنزاف بعد النكسة بأيام!

كانت التعليمات محددة.. القوة الأولى لا تشتبك مع الإسرائيليين الا في عودتهم.. ومرت القوات الإسرائيلية دون أن تشعر بوجود أبطال الصاعقة، بينما أدركت وجود قوة المشاة بسبب الجحيم الذي فتحه الأبطال عليها، وأدى إلى مقتل كل الإسرائيليين إلا مجرم برتبة شاويش أصبح أول أسير في العملية، ووصل مع الأبطال بسلامة الله إلى الضفة الغربية للقناة عند السابعة مساء!

الأبطال عادوا سالمين رغم القصف الجنوني الذي جرى بعد الاشتباك بكل الوسائل.. مدفعية وطيران لكن كان ذلك مفيدا لترتب إسرائيل قواتها من جديد ليكون لقوة الصاعقة نصيبها من الصيد الثمين عند عودتهم كما كانت الخطة!

واقرأ أيضا: مقاطعة التركي.. والدعوة عامة!

عاد القول الإسرائيلي بثلاث عربات مدرعة تحمل جنود ومظلين إسرائيليين بعد أن فشلوا في العثور على مصري واحد وفي اللحظة المناسبة أطلق الرقيب يوسف عبدالله أول قذائفه فلم تصب، فاقترب البطل عبدالله مصطفي من المدرعات إلى مسافة خطرة جدا فأصاب أول مدرعة ودمرها، وتوقف القول، وأصبح هو الآخر في يد أبطال الصاعقة فقتلوا كل من فيه ..

ربما أراد القدر أن تتحقق أمنية اللواء خليل فبقي الرقيب يائير تسيفي حيا فعادوا به هو أيضا أسيرا.. وفي العودة حاول الهرب إلا أن البطل المصري خليفة متري ميخائيل لحق به ودارت معركة كبيرة بالايدي كالتي شاهدناها سينمائيا مرارا حتى سيطر عليه، وتمكن منه وحمله الملازم محمد التميمي سابحا إلى مواقعهم سالمين!

كانت المرة الأولى التي يبتسم فيها جمال عبد الناصر من قلبه -وقد تابع العملية ليومين من مكتبه- رغم كل البطولات السابقة فالحصيلة 35 قتيلا خلاف الجرحى.. وهو عدد أقل من حصيلة الثأر لعبد المنعم رياض لكنه سمي في إسرائيل بالسبت الحزين.. ويحق لنا أن نسميه السبت السعيد ـ وأصبح حينها حديث صحف العالم عن "الكوماندوز المصري" وما فعله بالإسرائيليين..

لكن ليس هذا المهم الآن.. ما يهمنا أن تعرف أن البطل خليفة متري ميخائيل لقي ربه في قريته "سفلاق" بمدينة "ساقلته" بسوهاج قبل يومين وقبل أيام من عيد الميلاد المجيد.. ادعوا لبطلكم بالرحمة وكرموه بإطلاق اسمه على ما تيسر من مؤسسات وهيئات.. مدارس آو غيرها.. رحم الله البطل الكبير..

الجريدة الرسمية