رئيس التحرير
عصام كامل

تفاصيل فتنة موعد عيد الميلاد.. البابا محذرًا الرافضين: "لستم أوصياء على الكنيسة".. وأقباط المهجر ينضمون لـ"قائمة 7 يناير"

البابا تواضروس.
البابا تواضروس.

حجرًا فى المياه الساكنة ألقاه مطران لوس أنجيلوس وجنوب كاليفورنيا وهاواى بالولايات المتحدة الأمريكية الأنبا سرابيون، بإعلان الاحتفال بعيد الميلاد مرتين فى الخامس والعشرين من ديسمبر الجارى، والسابع من يناير، الأمر الذى أحدث جدلا واسعا فى الأوساط القبطية، واعتبره البعض خروجا عن النص، فيما رأى المطران أنه محاولة لاحتواء أجيال من أبناء الكنيسة فى المهجر.   مطران لوس أنجيلوس قال فى تبريره لقراره: إن الكنيسة الأرثوذكسية القبطية تحتفل فى جميع أنحاء العالم، بعيد ميلاد السيد المسيح، يوم 29 كيهك من كل عام، بالإضافة إلى 28 كيهك فى حالة السنوات الكبيسة، كما فى هذا العام، 1736 شهداء و2019 - 2020 ميلادية، والذى يقابله فى التقويم الميلادى 7 و8 يناير. 

ليلة العيد وأضاف أن "الكنيسة الأرثوذكسية القبطية تحتفل بقداس عيد الميلاد المجيد فى منتصف ليلة يوم العيد، وأنه نظرا لأن أطفال الإيبارشية وشبابها ولدوا وترعرعوا فى مناخ يربط ميلاد السيد المسيح باحتفالات الكريسماس، فقد رأينا أنه يعتبر من الاحتياجات الرعوية الملحة أن يتم السماح لكنائس الإيبارشية، بإقامة قداس إضافى فى ليلة عيد الميلاد، يوم 24 ديسمبر، بجانب قداس عيد الميلاد فى منتصف ليلة 6 يناير".

الصوم  كما شدد على أنه "لن يتم قطع فترة الصوم حتى انتهائه بقداس ليلة العيد، يوم 6 يناير"، وهو الأمر الذى أثار حالة من الجدل بين أبناء الإيبارشية وعلى نطاق واسع بين الأقباط فى مصر وخارجها.

وكان المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية قد وافق فى جلسته المنعقدة فى يونيو الماضى على توصيات لجنة شئون بلاد المهجر الرئيسية والتى جاء فيها "أنه فى حالة الاحتياج إلى استثناءات لقوانين الكنيسة والتقليد المقدس نتيجة احتياجات رعوية بكنائس بلاد المهجر، يجب على الكاهن الرجوع إلى أسقف إيبارشيته، ويمكن للأسقف الرجوع إلى قداسة البابا".   يذكر هنا أن الكنائس الشرقية ومن بينها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحتفل بعيد الميلاد المجيد 29 كيهك، الذي يقابله فى التقويم الميلادى 7 يناير فى السنوات غير الكبيسة، أما الكنائس الغربية فتحتفل بعيد الميلاد المجيد يوم 25 ديسمبر. 

توحيد الأعياد  المثير هنا أن الأقباط لم يتقبلوا تبرير الأنبا سرابيون بأن الغرض من تصرفه «احتواء شباب وأطفال المهجر»، لكنهم أكدوا أنه محاولة لجر الكنيسة القبطية إلى توحيد الأعياد فى مختلف إيبارشيات الكرازة المرقسية، مع الكنيسة القبطية الكاثوليكية، وهو ما رفضه الكثيرون خاصة أقباط مصر، واعتبروا أن فيه تنازلا عن ثوابت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. 

تجدر الإشارة هنا إلى قرار مطران لوس أنجلوس استند إلى أمرين الأول حاجة الرعية فى بلاد تحتفل فى الخامس والعشرين من ديسمبر، والثانى الاستثناء الذى منحه المجمع المقدس، حيث رأى أن الاحتفال اختلاف تقويم ولا يرتبط بالعقيدة. أما تخوف الأقباط فى مصر وبعضا من بلاد المهجر فينبع من أن يكون القرار هو تطبيق للحد الأدنى من توحيد الأعياد مع الكاثوليك، ومن ثم يرتفع تدريجيا إلى باقى الايبارشيات، خاصة أنهم يستشعرون أن البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، لديه رغبة فى ذلك، دون وجود إثباتات على ذلك. 

وكان البابا تواضروس الثانى، أكد فى أكثر من مناسبة أن توحيد الأعياد، وتحديدا عيد الميلاد، مسألة مرتبطة بالتقويم وليست بالعقيدة، موضحًا أن "تحديد الأعياد متعلقة بالحياة العملية والدراسية لأقباط المهجر، هى مسألة مرتبطة بالتقويم، إذ إن التقويم القبطى غير الغربى، فهى مسألة غير مرتبطة بالعقيدة أو اللاهوت هى مرتبطة بتحديد التاريخ".   وأضاف قداسته، أن عيد الميلاد يأتى فى مصر بتاريخ 7 يناير وهو إجازة رسمية من الدولة، لكن عندما هاجر أبناء مصر، وهذه عملية لم تكن فى الحسبان فأصبحوا أقلية فى المجتمعات، وهذا سبب للقلق للجيل الثانى والثالث، وهذا أمر لا بد من دراسته فى المجمع المقدس؛ لمتابعة ما يمكن فعله لمساعدة الأبناء على التأقلم فى حياتهم. 

وهاجم البابا تواضروس منتقدى القرار، قائلا: "ظنوا أنفسهم رقباء على الكنيسة والمجمع المقدس، حتى أن بعض الكتابات تعدت حدود الأدب، والرسالة هى أن احتفالنا كالمعتاد يوم ٢٩ كيهك، ولكن لأنه وردت شكاوى من بعض الأسر فى أمريكا فقال نيافة أنبا سيرابيون يقام قداس احتفال بالعيد يوم ٢٥ ديسمبر وسط الصوم ويوم ٧ يناير، وقال: نصلى القداس دون كسر الصوم".

حراس العقيدة  كما أكد البابا تواضروس أن اساقفة الكنيسة هم حراس العقيدة والتقليد والطقس وهم منوط بهم إحداث أي تغيير وعدد الآباء فى المجمع كبير وتوجد آراء نتناقش فيها. مشيرا إلى أن التدابير الطقسية التى تضعها الكنيسة لأجل الإنسان وليس العكس.   واستنكر البابا تواضروس الهجوم الذى تبع رسالة مطران لوس أنجلوس، قائلًا: الشيء الغريب أن من تحدثوا لم يفوضهم أحد.. وأحدهم قال: (لقد هالنا وهال الشعب القبطى كله) من فوضك لكى تتحدث باسم الشعب؟! أيها الحبيب (انظر الخشبة التى فى عينيك) وإن تناسيت أنه توجد خشبة فى عينيك، فكيف ترى؟ 

الأقباط فى سبيل دفاعهم عن موقفهم الرافض لفكرة توحيد الأعياد استحضروا آراء الراحلين، وعلى رأسهم البابا الراحل شنودة الثالث، الذى سبق أن أكد أن «توحيد الأعياد» خطر عظيم، فالكاثوليك اهتموا بالتقارب الشكلى المظهرى، دون النظر إلى الإيمان والعقيدة، التى يجب أن تكون بداية الوحدة، كما أن الأقباط استندوا فى حجتهم إلى قرار المجمع المقدس الصادر فى ١٩٥٩ برئاسة البابا كيرلس السادس، والذى ينص على عدم تغيير أو زحزحت موعد العيد باعتباره من ثوابت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.   الغريب هنا أن الرفض القبطى لـ«توحيد الأعياد» امتد ليشمل بعض أقباط المهجر، الذين أعلنوا رفضهم فكرة توحيد الأعياد، مؤكدين تمسكهم بموعد الأعياد المعتادة، قائلين «لن نطالب بتغييرها إطلاقا، ولا توجد لدينا مشكلة من الأساس بخصوص الاحتفال بعيد الميلاد المجيد 29 كيهك الموافق 7 يناير، وهذا لعدة أسباب، أهمها إننا ندرك خطورة توحيد الأعياد بدون وحدة إيمانية سليمة مبنية على الصخر». 

كما أشار أقباط المهجر، إلى أن السبب الثانى لرفضهم توحيد الأعياد يتمثل فى رفضهم الاحتفال مع الغرب بعيد الميلاد المجيد، مؤكدين أنهم يحصلون على إجازات رسمية يوم 25 ديسمبر لكنهم لا يعتبرونه عيدًا مسيحيًا وفقًا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، خاصة أن الأعياد فى دول المهجر تعتبر نوع من التسلية والترفيه ولا ينظرون للمعانى الروحية بالكنيسة مثل الكنيسة الشرقية. 

وانضم إلى صفوف الرافضين لتغيير موعد العيد عدد من أساقفة المجمع المقدس، أبرزهم الأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة، الذى أكد أن العيد فى موعده فى السابع من يناير هو التقويم الصحيح، ودون ذلك مخالفة لمسلمات الآباء، بالإضافة إلى الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعودة، الذى انتقد بشدة تغيير موعد العيد.

بدوره.. أكد القمص مكاريوس فهيم كاهن كنيسة بدر أن «ملف وحدة الكنائس الذى يتبناه البابا تواضروس الثانى ويعارضه غالبية أعضاء المجمع المقدس، خاصة توحيد عيد الميلاد المجيد سوف يحدث انشقاقا كبيرا بالمجمع المقدس، وربما تصحبه انسحابات واستقالات».

كما أشار إلى أن عددا كبيرا من أساقفة المجمع المقدس وغالبية الشعب الأرثوذكسى والكهنة لن يوافقوا على مقترح الوحدة، وهو ما يهدد بانتكاسة مثلما حدث وقت الاتفاق السرى للبابا مع الفاتيكان لتوحيد المعمودية والذى باء بالفشل وقد تأثر الرأى العام المسيحى وقتها وساور الجميع القلق والخوف على سلامة الكنيسة.    فيما قال نادر صبحى سليمان، مؤسس حركة شباب كريستيان للأقباط الأرثوذكس، إن «قرار الأنبا سرابيون، فردى بدون مجمع مقدس، بالرغم من أن الكنيسة مجمعية ولا يوجد لديها قرارات منفردة». 

 

نقلًا عن العدد الورقي...،

الجريدة الرسمية