رئيس التحرير
عصام كامل

ترامب ما زال رئيسا

لا أتوقع أن يتم التصويت على عزل الرئيس الأمريكى "دونالد ترامب" في مجلس الشيوخ، خلال جلسة المحاكمة المنتظر عقدها خلال الأسبوع الأول من يناير القادم، لا لشيء سوي أن مجلس الشيوخ الذي سيكون له الكلمة الأخيرة في هذا الأمر يسيطر عليه الجمهوريون من رفاق ترامب.

 

فالواقع السياسي يؤكد أن زعماء الحزب الديمقراطى الأمريكى الذين قادوا الحملة ضد "ترامب" يعلمون تماما أن القضية في النهاية سوف تنتهي إلى "لا شيء" وسيبقى الرئيس الأمريكى في منصبة حتى انتهاء دورته الرئاسية، إلا أنهم أداروا الحملة سياسيا للتأثير  على شعبية "ترامب" والتقليل من فرصة في الفوز أمام المرشح الديمقراطى في انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة.

 

لقد نحج الديمقراطيون بالفعل في وضع "ترامب" في موقف لا يحد عليه خلال الأيام الماضية، واظهروه أمام الإعلام العالمي في صورة "الضعيف، المهزوز، الذي يستجدي الرحمة والبراءة، المعزول شرعا بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب.

 

اقرأ أيضا: رئيس بلا عقل

 

كما نجحوا في أن يجعلوا من "ترامب" الرئيس الرابع في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الذي يواجه ذلك مأذق "العزل" بعد الرئيس الأمريكى الأسبق "أندرو جونسون" في عام 1868، والرئيس "ريتشارد نيكسون" الذي اضطر للاستقالة عام 1974 قبل تصويت مجلس النواب على توجيه الاتهام إليه، والرئيس "بل كلينتون" في عام 1998.

 

للأسف، أن رئيس الدولة التي تدعي أنها الأكثر ديمقراطية وحماية لحقوق الإنسان في العالم، قد ارتكب تهما حقيقية، واستغل سلطاته كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، هدد بموجبها دولة ذات سيادة، وأعاق عمل الكونجرس، بعد قيامه بممارسة ضغوطا حقيقية وواضحة على الرئيس الاوكراني، لاجبارة على فتح تحقيقا قضائيا فى قضية فساد داخل شركة "باريزما الأوكرانية" التى كان "هنتر بايدن" نجل "جوزيف بايدن" يشغل منصب تنفيذى بها.

 

وذلك بهدف إحراج "بايدن" الأب، وتشوية صورته أمام الرأي العام الأمريكى، قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المزمع اجرائها في شهر نوفمبر من العام القادم، والتي من المحتمل ان يطرح الحزب"الديمقراطى" "جون بايدن" كمرشحا للحزب في مواجهة الرئيس "الجمهوري" الحالي "دونالد ترامب" ولاسيما وان "بايدن" الأب كان يشغل منصب نائب الرئيس الأمريكى السابق "براك أوباما" ويتمتع بسمعه طيبة بين الديمقراطيين والاوساط السياسية والشعبية في الولايات المتحدة الأمريكية.

واقرأ أيضا: احتلال فى ثوب شرعى

 

وهو ما دفع "ترامب" إلى تجميد المساعدات المالية الأمريكية لأوكرانيا، وممارسة ضغوط على الرئيس الأوكراني، من أجل فتح القضية وتشوية "بايدن الابن" بل والتمادي في المخالفات عند كشف الأمر، بتكثيف الضغوط على الكونجرس وعرقلة عملة لعدم النظر في تجاوزاته ضد "كييف".

 

ورغم بشاعة ما قام به الرئيس الأمريكى، وإدانته من قبل مجلس النواب، وتوجيه اتهامات له، ورفع الأمر لمجلس الشيوخ للنظر في أمر عزله، إلا أن كل التوقعات تؤكد أن الأمر سوف ينتهي إلى "لا شيء" وسيبقى "ترامب" رئيسا للولايات المتحدة حتى نهاية ولايته، لا لأنه بريء أو شريفا، ولكن لأن "مجلس الشيوخ" الذي من المفترض أن يحدد مصيره يستحوذ على أغلبية مقاعدة أعضاء جمهوريين من رفاق الرئيس.

 

حيث يبلغ عدد مقاعد مجلس الشيوخ الأمريكى 100 مقعدا، يستحوذ "الجمهوريون" من رفاق "ترامب" منهم على 53 مقعدا، في مقابل 47 للحزب "الديمقراطى" الذي يحتاج إلى موافقة ثلثي اعضاء المجلس ل "عزل الرئيس".

 

أي إن إدانة "ترامب" دستوريا ستحتاج على الأقل لموافقة 20 نائبا جمهوريا من أبناء حزبه من الأعضاء بمجلس الشيوخ، ليشكلوا مع "كل الأعضاء الديمقراطيين" بالمجلس الأغلبية الدستورية اللازمة لـ "إقالة ترامب" وهو ما أؤكد انه من المستحيل أن يحدث.

 

خلاصة القول، أن الرئيس الأمريكى الذي كان الديمقراطيون يتطلعون للإطاحة به، سيخرج من المعركة منتصرا "بشكل مؤقت" وسيمارس سلطاته حتى نهاية دورته الرئاسية، رغم إدانته من مجلس النواب، واستغلاله لسلطاته كرئيس لأكبر دول ادعاءً للديمقراطية وحماية لحقوق الإنسان في العالم.

 

ولكن، سيبقى وضعه كمرشحا للحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة "حرجا للغاية" بعد أن فقد مصداقيته وتراجعت شعبيته بشكل كبير أمام الشعب الأمريكى، ليس بسبب الإهانات التي وجهها له الديمقراطيون داخل مجلس النواب فحسب، ولكن بسبب تهوره، وتعجرفه، وسلاطة لسانه، وسياساته الكارثية، في كثير من دول العالم.. وكفى.

الجريدة الرسمية