رئيس التحرير
عصام كامل

بني سويف.. مبان أثرية مهجورة لخدمة «كتيبة المحافظ».. 48 استراحة أغلبها غير مستغل في أفقر محافظات الجمهورية.. نواب يطالبون بالاستغلال الجيد.. و«عبد الجابر» تصور شامل لكافة المنشآت ق

فيتو


من أسوان جنوبا إلى الإسكندرية شمالا، مرورا بعشرات المحافظات، آلاف الاستراحات الحكومية غير المستغلة، ومئات المقرات التي تسكنها الأشباح تحت مسمى استراحات المحافظين، ملف متخم بالمليارات المهدرة على خزينة الدولة، والتي تتطلب تحركا عاجلا من الجهات المسئولة لوقف إهدار المال العام، والبحث عن أفكار خارج الصندوق للاستفادة من الثروة العقارية المهدرة في محافظات مصر.


في العدد الماضي نشرنا تقريرا خاصا عن استراحات المحافظين، والأفكار المطروحة لاستغلالها، وفي هذا العدد نفتح الملف الشائك ونلقي الضوء على الاستراحات غير المستغلة في بر مصر والمخصصة لكبار القيادات في المحافظات بدءًا من المحافظ مرورا برؤساء مجالس المدن ووكلاء الوزارات المنتدبين للعمل داخل المحافظة، والتي تستعصي على الحصر، ولا تكاد تقدر بثمن، بسبب مواقعها الجغرافية المتميزة وارتفاع أسعار المباني المجاورة لها ارتفاعًا جنونيًا، أو بسبب أثريتها، حيث إن بعضها تجاوز عمره أكثر من مائة عام.

أفقر المحافظات
رغم تصنيف محافظة بني سويف كأحد أفقر محافظات الجمهورية، إلا أنها تمتلك بمدنها السبع مبانٍ واستراحات خاصة بمسئوليها، بعضها غير مستغل، والبعض الآخر مستغل منه أجزاء بسيطة لا تتجاوز نسبة الـ20% من المساحات الإجمالية لهذه الاستراحات التي تُقدر بمليارات الجنيهات، نظرًا لمساحاتها الشاسعة ومواقعها المميزة سواء ما يقع بمدينة بني سويف، أو بمدن المراكز الإدارية السبعة.

48 استراحة
وتمتلك المحافظة 48 استراحة للمحافظ والسكرتير العام والمساعد، ووكلاء الوزارات ومديري المديريات ورؤساء المدن، ناهيك عن استراحات قيادات الأجهزة الأمنية، وجميع تلك الاستراحات تقع في مناطق متميزة، إما على ضفاف نهر النيل أو في قلب المدن.

ما يزيد الطين بلة أن الغالبية العظمى من تلك الاستراحات غير مستغلة ولا يدخلها أي من المسئولين لسنوات طويلة، كما أن المحافظة لا تنسى واجبها نحوها بإنفاقها ملايين الجنيهات في تجديدها وصيانتها بشكل دوري، تحسبًا لاستغلالها في أي وقت.

أثر تراثي
استراحات المسئولين ببني سويف، بعضها يصنف كأثر تراثي، لمرور أكثر من مائة وخمسين عامًا على إنشائه، مثل فيلا استراحة المحافظ بحي الرمد، وغيرها من الاستراحات التي بدأ إنشاؤها والتوسع فيها منذ عهد محمد على باشا لإلزام المسئولين بالبقاء في الأقاليم وعدم مغادرتها لتيسير الأمور ومتابعة حركة الري، وكان المسئولون في تلك الفترة من أبناء العاصمة القاهرة، ومع مرور الزمن أصبح غالبيتهم من أبناء المحافظة، باستثناء عدد قليل من أصحاب المناصب القيادية المنوط بهم إدارة شئون المحليات، وأصبحت الاستراحات خاوية على عروشها لا يسكنها إلا الخفراء لحراستها.

علاء أبو الخير محمود، موظف سابق بإدارة الأملاك في بني سويف قال من جانبه: إن الحصر الأخير للمباني والاستراحات غير المستغلة تم إجراؤه في عام 2013 وشمل جميع مراكز المحافظة، وأظهر وجود ما يزيد على 48 استراحة ومبنى حكوميا، بعضها غير مستغل، على الرغم من قيمتها المالية العالية جدا لوجودها في مواقع متميزة، وبقاءها مغلقة دون الانتفاع العام بها.

وطالب النائب على بدر، عضو مجلس النواب عن دائرة مركز إهناسيا، محافظ بني سويف بضرورة حصر الأصول غير المستغلة بالمحافظة، واتخاذ قرارات سريعة بشأنها، وكذلك الأراضي والأملاك المستولى عليها وليست المهملة فقط، واتخاذ الإجراءات القانونية لتطويع تلك المباني والأراضي لصالح ميزانية المحافظة وخدمة مواطنيها، مشيرا إلى أن بني سويف ليست فقيرة كما يتم تصنيفها، ولكن تكمن المشكلة في سوء إدارة أصولها وغياب الخطة لكيفية الاستفادة من هذه الكنوز غير المستغلة منذ عقود طويلة مضت.

وقال النائب عاطف عبد الجواد، عضو مجلس النواب: إنه تقدم باقتراح برغبة لإلغاء جميع الاستراحات الخاصة بالمسئولين والموظفين العموم على مستوى الجمهورية، مطالبا الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، بإحالته للجنة الاقتراحات والشكاوى لمناقشته.

إلغاء الاستراحات
وأكد أن الاقتراح يتضمن إلغاء الاستراحات في كل المحافظات أو الحد منها بقدر الإمكان، لأنها تهدر مبالغ كبيرة على الدولة، وذلك يأتي في إطار سياسة التقشف وترشيد الإنفاق وعدم إهدار المال العام، موضحًا أن اقتراحه يشمل استراحات رؤساء المدن والمراكز والأحياء وسكرتيري العموم في كل المحافظات، واستراحات بعض الموظفين العموم الذين ليسوا في حاجة ضرورية لوجود استراحة، مطالبا المحافظ بالاكتفاء باستراحة واحدة فقط، على أن تعود هذه الاستراحات للدولة لاستغلالها بشكل أفضل، بما يدر دخلا على الخزانة العامة.

استغلال
من جانبه أكد المستشار هاني عبد الجابر، محافظ بني سويف، أنه وجه بحزمة من القرارات والإجراءات المهمة لوضع تصور عملي لتحقيق الاستغلال الأمثل لكل المواقع والمباني الخدمية والاستراحات غير المستغلة، بالتنسيق مع الوزارات المعنية، خاصة المنشآت التي أنفقت عليها الدولة الكثير من الاعتمادات لتحسين مستوى الخدمات والمرافق ولم تستغل حتى الآن.

وأضاف المحافظ، أنه كلف بسرعة وضع تصور شامل لتشغيل عدد من المباني الخدمية غير المستغلة كدليل استرشادي للوزارات والجهات المعنية، على أن يشمل هذا التصور إعداد دراسات جدوى وفنية وإدارية لاستثمار عدد من المواقع والأراضي المملوكة للدولة والمنتشرة على مستوى المحافظة، والتي تمثل فرص استثمارية واعدة تصلح لإقامة مشروعات تجارية أو عقارية توفر العديد من فرص العمل وتصنع رواجا اقتصاديا بالمحافظة.

وأوضح المحافظ، أنه وجه إدارة المتابعة بالتعاون مع الوحدات المحلية بمراجعة الحصر الذي تم إعداده لحصر المباني الخدمية وقطع الأراضي المخصصة لإقامة مشروعات "ولم تستغل"، مع إعداد تقرير مصور عنها، وتحديد استخدماتها، وجهات الولاية عليها، لوضع تصور كامل للاستفادة منها في دعم الخدمات الجماهيرية، وذلك بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية