رئيس التحرير
عصام كامل

ارفع رأسك فوق أنت صحفي!


سألنى صديقى العزيز الكاتب الصحفي الكبير "سيد علي" على الهواء مباشرة عن الخروج من أزمة الإعلام الحالية، باعتباري واحدا من الممارسين للمهنة، وباعتباره واحدا من المهتمين بشكل جاد بهذا الملف طوال تاريخه، سواء الصحفي أو الإعلامي، فقد بح صوته وهو "يهاتى" ليل نهار بأن امنحوا الإعلاميين الثقة التي يستحقونها لأنهم جديرون بها وقادرون على تحمل مسئولياتهم الوطنية.

قلت: إننى أخاطب زملائى من الأجيال الجديدة الذين يعملون معي دوما بقولي "ارفع رأسك فوق.. أنت صحفى"، ليس لأن الصحفى على رأسه ريشة، ولا لأنه فوق المجتمع، ولا لأنه يجب أن يحظى بما لا يحظى به المواطن من حرية في الكتابة أو الطرح، ولكن لأنه مسئول أمام مجتمعه باعتباره صاحب رسالة، ورسالته في وقت الحرب أيا كان لونها أو نوعها واحدة من أدوات الوطن في المواجهة.

أقول لزملائي إن أجداد رسالتكم قدموا أرواحهم فداء لهذا الوطن، وحملوا أرواحهم على أعناقهم حربا ضد المحتل، وحربا ضد الفساد، وحربا ضد الديكتاتوريات، وحربا ضد الجمود والتخلف والجهل.. هذا هو "العقاد" يشهر قلمه في وجه الفساد الملكي، دون خوف أو تراجع، وهذا هو "طه حسين" يطرح رؤاه فيكفره المتجمدون في مواقعهم، دون أن يهن أو يحزن، وهذا هو "علي أمين" يفك كرب المرأة المصرية في وقت عم فيه الظلام دون أن يراهن على مكسب وقتي أو دنيا يصيبها.

هذا هو "مصطفى أمين" يكتب عن المهرولين خلف حزب "السادات" في وقت كانت فيه شمس الحرية محجوبة خلف التردد والرجعية الموروثة، وهذا هو "صلاح عيسى" يحيا في السجون حياة الأحرار.. هذا هو "صلاح قبضايا" حاملا قلمه في حرب اليمن وفي حرب الأيام الستة وفي حرب أكتوبر دون تراجع أو خوف.. هذا هو "مصطفى شردي" الصبى الصغير يحمل كاميراته وعدساته ليفضح العدوان الثلاثي فضيحة عالمية.

هذا هو "حلمي مراد" يتبوأ موقعا صحفيا وهو رجل القانون الشهير، يخوض في سلطات الرئيس عندما كان الرئيس ذات مصونة لا يقترب منها أحد.. وهذا هو "صلاح منتصر" وهذا هو "التابعي" وهذا هو "عبد الله السناوي"، وهذا هو "سيد عبد العاطى".. وهذه هي قائمة الشرف التي لا تنتهى لزملائنا واساتذتنا الذين قاتلوا بالقلم ودفعوا الثمن دون ندم وقالوا كلمة حق ودافعوا عن بلادهم في أحلك اللحظات.

هذا هو تاريخنا الذي يفرض علينا ألا نفقد الثقة في أنفسنا ولا رسالتنا فالوطن بحاجة إلينا اليوم قبل أي وقت مضى.. هذا هو تاريخنا الذي يشهد له القاصي والداني.. هذا هو تاريخنا في الدفاع عن الأمة العربية كلها وليس مصر فقط.. هؤلاء هم روادنا وقممنا الذين أرسوا المبادئ والقواعد وفي قائمة جيل الشباب مئات من هذا النوع الذي ينتظر من أجل أن يتحمل مسئولياته.
الجريدة الرسمية