رئيس التحرير
عصام كامل

دكتور شاكر أبو المعاطي يكتب: الأمازون.. رئة العالم تحترق

دكتور شاكر أبو المعاطي
دكتور شاكر أبو المعاطي

الجميع يتحدث عن التغيرات المناخية وآثارها السلبية على الكون، ومن أهم مسببات التغيرات المناخية حرائق الغابات وما يتبع ذلك من تصاعد للغازات التي تسمى غازات الاحتباس الحراري، بالإضافة إلى أن هذه الغابات وما تحويه من أشجار تعمل على امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وإنتاج 20% من الأكسجين الجوي، معنى هذا أننا نتأثر نتيجة هذه الحرائق والعالم أجمع يتأثر بذلك.


كنا نقول إن التغيرات المناخية ظاهرة عالمية التأثير، والدول النامية الأكثر تأثرًا بهذه الظاهرة بسبب مناخها الهش أو الجاف، وبالتالي تزداد سرعة وتيرة الاحترار العالمي الناشئة عن التغير في المناخ، وسوف يكون هناك تغير في سيناريوهات تغير المناخ تتجه نحو الارتفاع في معدلات درجات الحرارة، وزيادة غازات الاحتباس الحراري وما يتبع ذلك من آثار، وحرائق الأمازون كارثة بيئية ليس لها حدود دولية، ويكون التأثير حادا فى المنبع، وتدريجي الأثر على العالم أجمع، ويكون لدول الشرق الأوسط نصيب من هذه الآثار.

وإذا كنت تعتقد أن حرائق غابات الأمازون لا تعنيك في شيء لأنها تقع في قارة بعيدة، فأنت مخطئ لأن تلك المساحات الخضراء التي تتعرض لكارثة، تشكل سندا قويا لحياتنا على هذا الكوكب لذلك لقبت برئة العالم.

فالقضية ليست قضية محلية ولكن قضية عالمية تحتاج لتكاتف الجهود ووضوح الرؤى لمواجهة هذه الكارثة البيئية، وأن يجتمع زعماء العالم لوضع خطة شاملة وهي كيف نحمي هذه الغابات، وكيفية التوسع في المزيد من الغابات، وأن يتم إحلال وتجديد لما تم تدميره، وإعادة زراعته والبحث عن سبل حديثة لوقف هذه الحرائق، ولا تتملص دولة دون أخرى من هذه الخطة، وأن تحظى حرائق غابات الأمازون باهتمام كبير، وذلك لأن هذه الغابات تنتج 20 في المئة من الأكسجين على كوكب الأرض، وبالتالي، فإن "أكسجين الأرض" هو الذي يحترق، والأمر لا يتعلق بمجرد حريق بسيط، وسجلت غابات الأمازون 72 ألف حريق في كامل الأراضي، ومن فداحة ما يحصل في الأمازون، أن هذه الغابات تنتشر على مستوى 8 دول، وهي البرازيل وبوليفيا وبيرو وإكوادور وكولومبيا وفنزويلا وغويانا الفرنسية.

وتواجه هذه الأيام غابات الأمازون عددا من الحرائق المستعرة في جميع أنحائها، وهو أمر لم تشهده الغابات من قبل، وهذه الحرائق تنتشر في أماكن مثل ولايات رورايما ورون دونيا والأمازون في شمالي البلاد، وبالرغم من ذلك فإن الصور المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي ربما لا تكون دقيقة للمشهد الحالي، ومعظمها قديمة من حرائق سابقة، ويحاول العلماء والمحافظون على البيئة الوقوف على السبب الحقيقي وراء هذه الحرائق الهائلة، ويعود بعض العلماء هذه الحرائق إلى الجفاف الذي تشهده هذه المنطقة في الوقت الحالي لأول مرة في التاريخ، ويعود الجفاف أيضا إلى ارتفاع درجات الحرارة في حوض الأمازون وزيادة الرطوبة، وهذا الأمر نتيجة عن الاحتباس الحراري الذي تتعرض له هذه المنطقة نتيجة للزيادة في أعداد المصانع التي تنبعث منها غازات ضارة هي المسببة للاحتباس الحراري، والجدير بالذكر أن البرازيل تحتل المركز الأول في حرائق الغابات نتيجة للجفاف الذي تشهده المنطقة، وأيضا نسب التلوث الهوائي العالي، مما يجعل الهواء والجو العام ملبدا وممتلئا بمواد تساعد على الاشتعال للغابات، وهناك رأي آخر يرجع سبب الحرائق إلى الأفراد والشركات التي تقوم صناعتها على الأخشاب أو عن طريق الحطابين الذين يريدون أن يتخلصوا من الأشجار لإنشاء مناطق صناعية أو زراعية.

وسوف نسرد بعض المخاطر الناشئة عن حرائق غابات الأمازون والتي تهدد كوكب الأرض وهي كالتالي:-
• يعيش في حوض الأمازون نحو 3 ملايين نوع من النباتات والحيوانات، ومليون نسمة من السكان الأصليين.
• حرائق غابات الأمازون، تهدد الحياة على كوكب الأرض وهي مصدر مهم للأكسجين في العالم 20% من أكسجين العالم.
• فقدان عدد كبير من الأشجار وما يتبع ذلك من آثار كارثية على العالم أجمع.
• حائط صد كبير لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري؛ حيث تمتص الغابات ملايين الأطنان من انبعاثات الكربون كل عام.
• عند قطع الأشجار أو حرقها، ينطلق الكربون الذي تخزنه تلك الأشجار إلى الجو، وتقلّ قدرة الغابات المطيرة على امتصاص انبعاثات الكربون.
• تنبعث عن الحرائق كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، بلغت 228 ميجا طن حتى الآن في العام الحالي، وهي الأعلى منذ عام 2010.
• السمية الناشئة عن تصاعد غاز (أول أكسيد الكربون) ذي المستويات المرتفعة من السُميّة إلى ما وراء الخطوط الساحلية لأمريكا الجنوبية.
وهذه ليست كل المخاطر، ولكن وضعنا بعض النقاط الهامة، والتي يجب الاهتمام بها حتى تتوقف هذه الكارثة، وما يتبع ذلك من آثار على العالم نتيجة هذه الحرائق؛ حيث التخلص من مصدر الأكسحين على الأرض هو بمنزلة أداة قتل للبشرية بأكملها، وهذا أكثر فتكا من الحروب المدمرة؛ لذا يجب علينا أن نتوقف عن قتل أنفسنا بأيدينا، ولا بدّ من أن نعتني بالغابات مصدر الحياة لنا جميعا.

أ.د/شاكر أبو المعاطي 
أستاذ المناخ الزراعي ورئيس قسم الأرصاد الجوية-المعمل المركزي للمناخ.
Advertisements
الجريدة الرسمية