رئيس التحرير
عصام كامل

متى نجد "بيل جيتس" مصري!


مقارنة الوظيفة الاجتماعية لرأس المال في الغرب مع مثيلتها عندنا لن تكون قطعًا في صالح رجال أعمالنا وموسرينا؛ ذلك أننا لن نجد "بيل جيتس" مصريًا، كما لن نجد لما فعله "مارك زوكربيرج" صاحب فيس بوك نظيرًا في بلادنا..


فالأخير أقدم طواعية على كتابة ما يشبه الوصية واجبة النفاذ، تقضي بالتبرع بعد وفاته بالجانب الأكبر من ثروته وهو رقم بالمناسبة يقدر بمليارات الدولارات، لإسعاد المحرومين والمعوزين وإدخال السرور إلى قلوبهم.. ولم يكتف "جيتس" و"زوكر" وغيرهما من رجال أعمال الغرب بذلك، بل إنهم كثيرًا ما يتبرعون في حياتهم بالمليارات لتحسين خدمات التعليم والصحة والأحوال الاجتماعية وكل ما له صلة بسعادة الإنسان في بلادهم، ليحيا الناس كرامًا متحررين من ربقة الفقر وآفة الحرمان والعوز الذي يقود في النهاية لمجتمع مريض وضعيف ومشحون بالكراهية والحقد.

وقد يبدو غريبًا أن نضرب بـ"مارك زوكر" المثل والقدوة في أداء الواجب الاجتماعي لرأس المال.. لكنها الحقيقة التي لا تقبل مراءً، فالشاب الأمريكي النابه جمع ثروة هائلة تقدر بنحو 34 مليار دولار ورغم ذلك لم تستبد به نوازع السطوة والغرور أو حب التملك أو الأثرة وحب النفس والشح، ولا أنفقها كما يفعل كثير من القادرين هنا على الملذات والهوى، لا لشيء إلا لأنه يؤمن بأن السعادة أن تفعل شيئًا نافعًا للناس؛ فخير الناس أنفعهم للناس..

ولم يكن "مارك" وحده النموذج الصالح لرجل الأعمال الذي حقق المعنى الأصيل للوظيفة الاجتماعية لرأس المال، هناك بل ثمة نماذج عديدة كالملياردير الأمريكي "وارن بافت" الذي تبني مع نظيره "بيل جيتس" صاحب مايكروسوفت المشهورة حملة لأعمال الخير تحت شعار أثير أنه "عندما نعطي نلهم الآخرين بالعطاء"..

وكانت تلك الحملة بمثابة رسالة تحفيز وتشجيع لأقرانه من رجال أعمال أمريكا الأكثر منه مالًا للتبرع بجزء من ثرواتهم الضخمة لصالح الفقراء.. وهو ما تحقق بالفعل وانجذب إلى حملته عشرات من رجال الأعمال الأمريكان ذوي الثراء البالغ، متبرعين بمبالغ هائلة تقترب أحيانًا من نصف ثرواتهم أو ربما تزيد.. والمحصلة جمع أرقام بالمليارات لمشروعات الخير التي تجاوز نطاقها حدود الولايات المتحدة ذاتها ليعم نفعها دولًا أخرى ترزخ تحت نير الفقر.
الجريدة الرسمية