رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

تأملات في رحلة لـ"أبو الحسن الشاذلي"


منذ أيام قليلة تلقيت دعوة كريمة من أخي الحبيب وتوءم روحي فضيلة الشيخ "حسن السناري"، شيخ البيت السناري بارك الله في عمره، للمشاركة في الاحتفال بذكرى مولد كهف الأولياء وقبلة القصاد العبد الصمداني والقطب الرباني سيدي "أبو الحسن الشاذلي" رضي الله عنه..


قمت بتلبية الدعوة، وبالرغم من مشقة الرحلة والجهد المبذول فيها إلا أنها كانت رحلة روحية في منتهى المتعة، فكم تمتعنا بمناظر الطبيعة الخلابة الرائعة وعظمة الإبداع الإلهي على طول مسار الرحلة، فبين ساحل البحر الأحمر وجمال ألوانه الزرقاء والبيضاء والزهرية وبين الجبال المتراصة على جانب الطريق بأشكال هندسية في غاية الدقة والإتقان ما دعاني إلى النظر والتأمل والتفكر في عظمة الخلق والإبداع حتى وجدتني أقول في نفسي: "سبحان البديع المبدع، سبحان الخالق المصور، سبحان مجري البحار ومرسي الجبال، سبحان القادر القدير المقتدر، سبحان صاحب الآيات البينات الدامغات على وجوده سبحانه، ووحدانيته وتفرده بالخلق والملك".

هذا وأثناء لحظات التأمل والتفكر إذ بقول الله تعالى ينفذ إلى ذهني: "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ".

وهنا توافد على خاطري بعض الحكم العطائية لسيدي "أحمد إبن عطاء الله السكندري" المتعلقة بدعوة الله تعالى لعباده إلى النظر والتأمل والتفكر في آياته المتجلي بها سبحانه في الكون، للاستدلال على وجوده ووحدانيته سبحانه والتي يقول فيها: "شتان بين من يستدل به أو يستدل عليه. المستدل به عرف الحق لأهله فأثبت الأمر من وجود أصله والاستدلال عليه من عدم الوصول إليه وإلا فمتى غاب حتى يستدل عليه ومتى بعد حتى تكون الآثار هي التي توصل إليه سبحانه. وكيف يستدل عليه بما هو في وجوده مفتقر إليه. ومتى غاب حتى يستدل عليه. ومتى بعد حتى تكون الآثار هي التي تقرب إليه سبحانه"..

وهكذا أخذت في التأمل والتفكر إلى أن وصلت إلى قرية الشيخ "الشاذلي" رضي الله عنه بحميثرا حيث مرقد الإمام "على أبو الحسن الشاذلي" رضي الله عنه ونزلت في الساحة السنارية في ضيافة أخي الحبيب الشيخ "حسن السناري" تلك الساحة العامرة بالفضل والكرم، والمفتوحة على مدار السنة لجبر خاطر أهالي المنطقة الغالب سكانها من العبابدة الذين ينتمون إلى سيدنا "الزبير بن العوام" رضي الله عنه.

وكم كانت سعادتي لما رأيته في هذه الساحة المباركة من كرم وجود وإحسان وجبر خاطر وهذا من إرث بيت النبوية، فهم الذين خصهم الله تعالى بإطعام الطعام، وفيهم نزلت آياته سبحانه وتعالى حيث قال عز وجل: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا"..

هذا ومما أسعد قلبي ما رأيته من محبة واخاء وتراحم بين المحبين الذين جمعتهم محبة أهل البيت، تلك المحبة التي أذابت كل الفوارق بينهم، حيث يجلس علية القوم من المحبين من الدراويش والمساكين ويتناولون الطعام معا ويتحدثون ويتسامرون ويضحكون سويا، وقد لفت نظري هذا الجمع الغفير من المحبين الذين جاءوا من كل فج عميق.. واعتقد أن معظمهم لا يعرفون بعضهم البعض إلا أن المحبة في الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله هي الجامعة لهم..

وأعتقد أنهم هم الذين قال الرسول الكريم فيهم لصحابته: "يحشر قوم من أمتي يوم القيامة على منابر من نور يمرون على الصراط كالبرق الخاطف. نورهم تشخص منه الأبصار. لا هم بالأنبياء ولا هم بالصديقين ولا شهداء إنهم قوم تقضى على أيديهم حوائج الناس. يغبطهم الأنبياء والشهداء لمكانهم من الله عز وجل.. قالوا: من هم يا رسول الله دلنا على أعمالهم لعلنا نلحق بهم.. فقال.. أناس تلاقوا على غير أرحام تحابوا بروح في الله".. ثم تلا صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"...
Advertisements
الجريدة الرسمية