رئيس التحرير
عصام كامل

إنه بن لادن.. أسامة والدًا


لاشك أن "عمر بن لادن" محظوظ، هو نفسه يقول ذلك لأنه استطاع أن يجلس مع أبيه ويسمع منه، وهذا يعود في الأساس إلى أن الأخير أراده خليفته في ملاعب الإرهاب وترويع الآمنين قبل أن يتخذ الولد طريق السلام ويعود إلى بلاده قبل تفجيرات سبتمبر 2001.


في الحلقة الماضية شاهدنا كيف تعامل "محمد بن لادن" مع ابنه "أسامة"، لا يتذكر اسمه، يعامله فقط كأي موظف، شيء في منتهى البؤس قادر على خلق شخصية مشوّهة نفسيًا، ورغم أن ذلك قد يعطي نتيجة عكسية بأن يخلق والدا عطوفا على أبنائه لكن "أسامة بن لادن" لم يكن سوى نسخة من أبيه رغم معاناته منه.

لقراءة الحلقة الأولى: إنه بن لادن.. الحكاية من أولها

يقول عمر بن لادن حين حكى أبيه له عن الصفعة التي تلقاها من والد الأخير وأنه لم ينسَ ذلك «إذا كان لم ينسَ طوال تلك السنوات لماذا يمارس معنا كل هذا العنف»، أما زوجته "نجوى بن لادن" فهي تؤكد أن "أسامة" حزن كثيرًا على فقدان والده.

رجل لعائلة كبيرة، وأولاد كثر، وثري، وذو نفوذ ورأي، وبطل، كل تلك مصطلحات صاحبت "أسامة بن لادن" في بداية حياته، ولكن كيف كانت علاقاته مع أولاده، ونبدأ من قول "عمر بن لادن": « أعتقد أن والدي ربما رزق بعدد كبير من الأولاد في سن صغيرة جدا، أو ربما كان متماهيا إلى حد كبير بعمله الحربي فلم تستطع أهميتنا فرض نفسها حيال قضية عظيمة كمحاربة الروس، ويمكنني أن أستعيد لحظة واحدة حين أحاطني أبي بذراعه حين تعبت وحملني على كتفه كنت في الرابعة من عمري» تلك مأساة عاشها أولاد بن لادن، فاحتضان أحدهم له ذكرى تستحق أن يتم تخليدها تمامًا كما خلد "أسامة" لقاءه الوحيد مع أبيه.

وبعيدًا عن التعليمات السائدة في أسر كثيرة في السعودية بتلك الفترة من عدم رفع الصوت، وعدم النظر إلى الوالد، وهلم جرا، كان "أسامة بن لادن"، الأب، له الكثير من الأوامر التي حولت حياة أولاده، كما يعترف ابنه "عمر" إلى مأساة.. مأساة أخرج فيهم الأب عقد الطفولة كلها، وضمن الأمثلة يقول «في أحد المرات التي عاد فيها من أفغانستان جلس وأمامه خرائط عسكرية، وأملت ألا يأمرني بالخروج من الغرفة وهو مقطب الوجه، ولم أعد قادرًا على كبح جماح نفسي فركضت أمامه وأنا أضحك بصوت مرتفع وأقفز ساعيا للفت انتباهه لوح لي بالابتعاد قائلا بصوت صارم «اخرج يا عمر»..

لكني لم أستمع، فقال: أخرج وهات أشقاءك، وقفزت فرحا معتقدا أنني أغريت أبي بالابتعاد عن عمله العسكري وجمعتهم وأمرنا بالوقوف خطا مستقيما، وهو يمسك العصا بهدوء، ودب الخجل والرعب حين ضربنا جميعنا بالعصا ونشبت غصة في حلقي وقد حافظ على صوته وهو يقول: أنتم أكبر سنا من أخيكم عمر ومسؤولون عنه، أنا غير قادر على إنجاز عملي بسبب سوء سلوكه. كنت صغيرا جدا في ذلك الوقت، ولم أصدق ما حدث، وبرغم ذلك لم يصرخ أي منا»

لقراءة الحلقة الثانية: إنه بن لادن.. بداية المأساة

لكن مأساة أولاد بن لادن لم تبدأ بعد، فباعتبارهم أولاد شخصية مطلوبة أمنية، تم فرض سياج أمني عليهم تمثلت في عدد من الأوامر أبرزها البقاء داخل المنزل، فلم يكن مسموح لنا باللعب في الخارج ولو حديقتنا الخاصة، وكنا ننظر من النوافذ للأطفال، بجانب ذلك يجب أن لا يفرطوا في الكلام، ولا يجب لأي وضع أن يستثيرهم، وعليهم أن يكونوا جادين في كل شيء، لا نكات أو تعبير عن الفرح فقط الابتسام..

ذلك كله كما يقول عمر «أثر على "عبد الله"، أخينا البكر، فعاش حياة العزلة، وشكل فرحه الأكبر امتطاء دراجة نارية، أما "عبد الرحمن" فشخصية متوحدة يحدق دون هدف، وكان يدخل في نوبات نشاط جنوني وهو صغير، أما "سعد"، فهو كوميدي بالفطرة ويستمتع بالكلام أكثر من أي إنسان عرفته ويستفيض في الثرثرة، وأوقعته هذه الحيوية في كثير من المشكلات بسبب عدم التزامه بقواعد السلوك المفروضة».
الجريدة الرسمية