رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

السيسي رد الاعتبار لأول رئيس لمصر!


والسؤال المهم الذي يتردد كثيرًا: هل يكتب تاريخ الثورات بحياد وموضوعية أم تتحكم فيه الأهواء والنوازع حتى يصبغها البعض بلون السياسة والهوى؟!


ثورة يوليو التي نحتفل بذكراها الـ 67 هذه الأيام انتهت بفضلها موجات استعمارية أذاقت البشر في مصر والإقليم كله مرارة العبودية، وحرمتها من حق تقرير المصير.

"الثورة تأكل بنيها".. عبارة ترددت على ألسنة وأقلام كثيرين مع كل مناسبة.. وبغض النظر عن مدى صحتها فإن الأصح في رأيي أن الأبناء أيضًا يأكلون ثورتهم، أو يختلفون معها، كما حدث مع ثورة يوليو التي بدأت كحركة قام بها الضباط الأحرار وسرعان ما انضم إليهم الشعب مؤيدًا ونصيرًا..

ولا يجادل أحد فيما حققته تلك الثورة من مكاسب معتبرة ذاق الشعب ثمراتها إصلاحا زراعيًا وعدالة اجتماعية وفرص عمل في التصنيع، الذي شق طريقه وسط الصعاب، والوظائف الحكومية التي تبوأتها طبقات الشعب المختلفة وفي القلب منها الطبقة الكادحة التي كانت نواة صلبة لما عرف بالطبقة الوسطى التي لم تعرفها مصر في رأيي قبل يوليو 1952.

ومع ذلك فلا ينكر منصف أن ثورة يوليو جانبها الصواب واقترفت أخطاء فادحة اعترف بها قادتها وقتها، وهو ما جرها لانتكاسات كبرى لولاها لصارت تلك الثورة من أمجد أيامنا التاريخية في العصر الحديث. فإذا جاز لنا القول إن الثورة أكلت بنيها فليس ذلك مقصورًا على ثورة يوليو المصرية، بل حدث شيء من ذلك فيما عرف بالثورة الفرنسية المعروفة بأم الثورات، والتي لم تسلم هي الأخرى من آفة أكل الأبناء، وانتهى الأمر بنابليون القائد الفرنسي الأشهر معزولًا منسيًا بإحدى جزر فرنسا النائية..

أما الثورة الروسية فقد دب الخلاف بين أبنائها فتنازعوا وما إن اعتلى خروشوف سدة الحكم حتى رمى سلفه ستالين بالاستبداد والديكتاتورية.

وإذا عدنا لثورة يوليو نجد من يرميها بأنها أكلت بعض بنيها وهو قول لا يخلو من حقيقة.. لكن الصحيح أيضًا أن بعض بنيها اختلفوا أيضًا معها بل وانقلبوا عليها.. وكانت البداية بالأزمة المشهورة في مارس 1953التي أنهت شهر العسل بين رفاق يوليو الذين استحال وفاقهم خلافًا، واحتدم صراعًا شرسًا بين الضباط الأحرار صناع الثورة ومفجريها، فانقسموا فريقين أحدهما تزعمه اللواء محمد نجيب أعلاهم رتبة في ذلك الوقت، ومعه خالد محيي الدين ويوسف صديق..

والثاني تزعمه جمال عبد الناصر قائد الثورة وكان من رأي الفريق الأخير تمديد الفترة الانتقالية سنوات أخرى حتى تكتمل أهداف الثورة ومبادئها الستة التي قامت لأجل تحقيقها.. ولكل فريق وجهة نظره التي تحترم. وانتهى أمر الفريق الأول بصورة دراماتيكية حيث أقيل اللواء محمد نجيب أول رئيس للجمهورية وحُددت إقامته في فيلا بالمرج، بينما لزم يوسف صديق بيته معرضًا عن إتمام مشواره مع الثورة التي كان من أهم دعائم نجاحها..

حين عرّض نفسه للخطر قبيل اندلاعها بلحظات مقتحمًا قيادة الجيش لإنقاذها من فشل كان هو أول من سيدفع روحه ثمنًا له، ولولاه لكان المصير المحتوم لرفاقه هو التعليق على المشانق.

وقد أحسن الرئيس السيسي صنعًا حين قام برد الاعتبار لذلك الرمز الوطني والثوري المرموق بمنح اسمه قلادة النيل، كما منح اللواء "نجيب" أيضا قلادة النيل ولم يكتف الرئيس بذلك بل أطلق اسم اللواء نجيب على أكبر قاعدة عسكرية غرب البلاد، ليصحح أوضاعًا خاطئة تاريخيًا، ويرفع الظلم عن بعض قادة يوليو الذين لولاهم ما قدر لهذه الثورة النجاح.. وهو تكريم يجبر خواطر رفاق الثورة وأهليهم، ويصحح اخطاء ما كان يجب أن تحدث.
Advertisements
الجريدة الرسمية