رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لعبة قديمة!


من المؤكد أن خروج المنتخب المصرى للكرة من دور الستة عشر في البطولة الأفريقية أغضب المصريين وأحزنهم وأصابهم بالغم، خاصة وأن البطولة تقام في بلدنا وعلى أرضنا، كما أننا بذلنا جهدنا ضخما لاستضافتها في بضعة أشهر قليلة.. هذا أمر لا يمكن إنكاره أو تجاهله..


ولكن المثير أن هذا الإخفاق الرياضى وتحديدا الكروى تم إضفاء الطابع السياسي عليه، سواء من الموالاة أو المعارضين السياسيين.. وصار الأمر وكأننا تعرضنا لنكسة تفوق نكسة أو هزيمة يونيو، وهناك من يحاول التنصل من مسئوليتها، وهناك من يحاول أن يرميها عليهم.

فقد انبرى البعض ليقول لنا إن الاخفاق في كرة القدم هو انعكاس لإخفاق آخر أكبر في مسيرة العمل الوطنى.. أي إخفاق سياسي واقتصادى واجتماعي.. رغم أن هناك بلادا تحقق نتائج باهرة في كرة القدم تفوق بكثير نتائج دول أكثر تقدما اقتصاديا، وتتمتع بأنظمة حكم ديمقراطية وتتمتع شعوبها بقدر مناسب من العدالة الاجتماعية.. والعكس صحيح..

بل إننا في مصر فزنا ثلاث مرات متتالية بالبطولة الأفريقية، أعوام ٢٠٠٦، و٢٠٠٨، ٢٠١٠ وهى سنوات هناك من يراها سنوات تراجع سياسي مصرى، في ظل صعود أصحاب مشروع توريث الحكم!.. ولا ننسى أن فرنسا ظفرت العام الماضى بكأس العالم ، وبعدها بأشهر قليلة اندلعت مظاهرات أصحاب القمصان الصفر ضد الرئيس الفرنسي، وهى المظاهرات التي رفع متظاهرون فيها لافتات تطالب بتخلى "ماكرون" عن منصبه كرئيس للجمهورية في فرنسا!

كما ارتفعت أصوات البعض تنبه إلى أن هذه النكسة الكروية هي ترجمة وانعكاس لذيوع الفساد في المجتمع كله،  وليس في منظومة كرة القدم المصرية فقط.. ولذلك بعد دقائق من هزيمة منتخبنا من جنوب أفريقيا خرجت مواقع اخبارية تتحدث نقلا عن مصادر لم تحدد هويتها عن تحقيقات بدأت تجرى حول فساد اتحاد الكرة، وكأن الفوز والاستمرار في البطولة الأفريقية كان سوف يعفى من تورطوا في الفساد من المحاسبة والعقاب على ما ارتكبوه من فساد.

وهكذا إنها لعبة قديمة متكررة.. لعبة ربط كرة القدم بالسياسة، أو العكس.. وقد تورط في ذلك الجميع بمن فيهم المسئولون في شتى بلاد العالم، ومن بينها الدول التي تسمى ديمقراطية، رغم أننا لو التقطنا أنفاسنا قليلا سوف نكتشف أن أفضل الدول في مؤشرات التنمية والعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد لا باع لها يعتد به في مجال كرة القدم ومنافساتها..

اما إذا مضينا في ذات اللعبة نحن أيضا بعد إخفاق منتخبنا الوطنى للكرة في البطولة الأفريقية، فإننا لن نصلح أحواله ولا أحوال الرياضة في بلادنا، لأننا لن نتصدى للأسباب الحقيقية لهذا الإخفاق، ونوفر المقومات الحقيقية للنجاح.. وسوف نفعل مثلما حدث بعد الأداء السيئ لمنتخبنا في كأس العالم بموسكو العام الماضى، ومن يريد أن يمارس سياسة فليفعل ذلك بعيدا عن تلك اللعبة الشعبية في بلدنا.
Advertisements
الجريدة الرسمية