رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مصر بلا رتوش!.. ونعم.. ونعم.. ولكن!


مما لا شك فيه أن مصر تتغير وخاصة بنيتها التحتية التي تركها السابقون مهملة لعقود، فطرق جديدة تشق، وأنفاق تحفر، وكباري تنشأ، ومشاريع تُبدر على أرض مصر خاصة في منطقة القناة وسيناء. والمعجزة أنها تمت في فترة قياسية. ومن يقلل من هذا الإنجاز العظيم فهو مكابر وعنيد.


والمهم أن كل ما تم كان بأيدٍ مصرية سواء كانت من أبناء جيشنا أم من أبنائنا المدنيين. ومما لا شك فيه أن هناك من بذلوا الجهد والعرق ولم يروا أهاليهم لأسابيع أو ربما لشهور ليحققوا هذا الإنجاز المعجز في هذا الزمن القياسي. وبالتأكيد كان ذلك بديون ضخمة ولكن أن توضع الديون في مشاريع عملاقة للتنمية أفضل من أن تذهب هباءً.

فلقد فتحت هذه المشاريع الباب أمام العديد من شباب مصر المثابر والطموح ليجدوا فرصًا حقيقية للعمل الشريف، ويفتخروا بقدرتهم وبما أنجزوه. وكما ذكرت مجلة الإيكونوميست في عددها الأخير فإن معدل البطالة في مصر انخفض إلى ٨.١٪؜، ومعدل التضخم في انخفاض مستمر.

ويعزو الكثيرون هنا نهضة أمريكا الصناعية والتجارية لمشروع شبكات الطرق العملاق الذي استغرق ١٠ سنوات في خمسينيات القرن الماضي، ليربط ولايات أمريكا كلها بلا تقاطعات. لقد ساعد خبراء البنك الدولي في وضع روشتة اقتصادية محكمة وصارمة لمصر للنهوض من عثرتها، مثلما ساعدوا بقروضهم دولًا أخرى نجحت من قبلنا.

وقد رأى الكثيرون أنه علاج مؤلم للغاية طحن الطبقة الفقيرة والمتوسطة طحنًا، وكلهم على حق، ولكن لم يكن هناك بديلًا من العلاج المؤلم والباتر، حتى يشفى المرضى، ويقل عدد الموتى بدلًا من أن نموت جميعًا ونحن هائمين في غيبوبة في سكرات فشلنا المتلاحق، وتفكيرنا السطحي العقيم.

والشعب المصري صابر وعظيم وحتما سيجيره الله. فلقد ارتفعت معدلات التنمية إلى ٥،٥٪؜، وكافأنا الله ولم ينسنا بآبار الغاز العملاقة لينقذنا من تبعات الدين المرهق لاستيراد وقودنا.

و"نعم" الدين عالٍ جدًا داخليًا وخارجيًا، وفي ازدياد، وفوائده مهلكة، ولكن كلنا أمل أن تعطي هذه المشاريع ثمرتها المرجوة إذا أخذنا بالأسباب وأخلصنا الجهد والعمل. وحسب ما ذكرت مجلة الإيكونوميست في عددها الحالي فإن حسابنا العام سلبي بنسبة ١٪؜ فقط من الدخل القومي، وعجز ميزانيتنا ٧،٩٪؜ من الدخل العام، وهى نسب مازالت مقبولة اقتصاديا لدولة تنمو بهذه السرعة، ونحن من ضمن خمس دول فقط ارتفعت عملتها أمام الدولار منذ العام السابق.

و"نعم" تم التأميم الناعم للإعلام، وأتمنى أن يكون وقتيًا، فالمعارضة يجب أن تُسمع خاصة إن كانت معارضة وطنية تبتغي صالح مصر وليست مؤجرة بأموال مشبوهة. ولكن اختلط الصالح بالطالح فقفلت الشبابيك عليهم جميعًا. "نعم" هناك بعض المنافقين والمطبلين ليل نهار، وهم مازالوا سبة في جبين هذا الوطن الغالي، والذي كشفهم الشعب على حقيقتهم، وأعتقد أن يومهم قريب فلقد سئمنا جميعًا من سماجتهم وسوء قولهم فهم كالدببة التي تقتل أصحابها.

"نعم" تجمعت السلطات في سلطة واحدة، ولكن ماذا تفيد الديموقراطية الآن في شعب ما زال الجهل يضرب ٢٨٪؜ منه، ونحن نعرف يقينًا ماذا أفرزت من قبل. وأتمنى من كل قلبي أن نصل إلى الديموقراطية الحقيقية غير المزيفة بعد أن يتعلم الشعب بأكمله ويرتفع مستوى معيشته.

"نعم" هناك سوء في اختيار بعض القيادات، وهو واضح للجميع، و"نعم" ما زال الفساد متعمقًا في مؤسساتنا، ولكن لا تنسي أننا مازلنا في مرحلة انتقالية مرت بها الشعوب من قبلنا، ويجب فيها عدم التسامح مع الفاسد وفضحه واختيار القيادات الحكيمة ومؤازرتها.

"نعم" لم يلقى التعليم حقه حتى الآن، وكان يجب البدأ به، ولكن الفساد المتغلغل فيه خاصة من القائمين عليه من مدرسين أعماهم حب المال يحتاج عقودًا حتى ينصلح، فلقد جرفه بالكامل عهد الرئيس السابق مبارك. "نعم" تحتاج الصحة وقفة حاسمة وجريئة وواعية، ولكن أملنا أن نجد الخبراء والمجددين والمبتكرين من محبي الوطن لإصلاحها.

نعم.. ونعم.. ونعم ولكن كل شئ بأوان ما دمنا نفكر فيه ولا ننكره أو نجهله، ونخلص النيه لإصلاحه والعزم على تغييره. كان يجب أن يتصدى مصري صادق لقيادة دفة السفينة المتحركة بسرعة للهلاك، بعد ثورة صادقة وعظيمة من شباب مصر، لم تجد للأسف القيادة الحكيمة أو التوجيه السليم لتصلح الأحوال، مع تعاظم الأماني وارتفاع سقف الطلبات والطموحات فكان لابد للجيش أن يقفز للدفة ليحيدها عن طريق الهلاك.

نحن نلومه الآن ولكن ماذا كان البديل؟ دولة هزيلة تقودها جماعة عنصرية للهلاك؟ أو مستقبل غامض في بحر هائج من الأطماع والمؤامرات والأموال؟ لا نريد أن ندفن رأسنا في الرمال ونستمر في تكابرنا، بل نشمر عن سواعدنا جميعًا ونخدم بلدنا بصدق كل في مكانه، فنلفظ الفساد ونفضحه ونرفض الخامل وننصحه.

نريد لشبابنا أن يتقدم ليمسك بالدفة، ونريد لقيادتنا أن تعطيه الأمل والقدوة والفرصة. وعندها ستحقق مصر المعجزات بسرعة البرق وتصل إلى المكانة التي تستحقها وسط الأمم الراقية. من يعرفني يعرف أنني لست مطبلًا لحاكم ولا منافقًا لذي مكانة ولم أكن ولن أكون، ولكني مصري صادق أحب بلدي وأعشقها بكل جوارحي، وأتمنى لها من كل قلبي ومن غربتي النهوض والازدهار، فهى أعظم الأمم وتستحق وتستطيع!.
Advertisements
الجريدة الرسمية