رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ما زلنا نعاني من تبعاتها الأليمة!


بعد أن صار لاعبًا مهمًا بعد أحداث يناير 2011 في تعبئة الجماهير والتحكم في بوصلة الرأي العام، في غياب الأحزاب السياسية والساسة والدولة –وأقصد هنا إعلام التوك شو، فإنه لم يقم بدوره الوطني الواجب في تلك الأوقات العصيبة بتوعية المواطنين وتبصيرهم بالأولويات والشواغل الواجبة، ووجدناه للأسف غارقًا في الجدل حول توافه الأمور– عشوائيًا بلا جدول أعمال ولا بوصلة وطنية لإنقاذ سفينة الوطن، التي كانت تواجه في ذلك الوقت أمواجًا عاتية، هبت عليه من كل مكان رغبة في إضعافها، وتركيعها وإخراجها من معادلات القوى في إقليمها المضطرب.


حمى التوك شو التي اجتاحت الفضائيات غداة أحداث يناير لم تلتزم بأي ميثاق شرف إعلامي، ولا بتقاليد المهنة العريقة، بل إنها نهشت الخصوصيات بلا رحمة، ولا رادع من ضمير أو وازع من أخلاق، وخاضت معارك التضليل والتشويه، فكانت النتيجة تشويهًا للوعي وانحرافًا لبوصلته أفضى لنتائج مأساوية في السياسة والاقتصاد وكل شيء..

الأمر الذي دفع المجتمع وقتها للمطالبة بوقف هذه المهزلة، وتعجيل إصدار قوانين الإعلام المتوافقة مع الدستور لضبط المنظومة الإعلامية، حتى تستعيد وجهها المضيء ومصداقيتها المفقودة، وحتى لا يصبح إعلاميًا كل من هبّ ودبّ.

ومع أن المشاهد قد هجر برامج التوك شو في الآونة الأخيرة، لخلوها مما يروق له أو يساير اهتماماته، فلابد أن نتصارح بأن تلك النوعية من البرامج كانت سببًا في تعكير أجواء ما بعد يناير، ولم تضبط يومًا مدافعة عن الدولة أو المواطن، بل كان أغلبها مواقد أشعلت فتيل الأزمات، وكرست لحالة انقسام وجدل وفرقة وعنف لم تشهد مصر مثيلًا لها على مدى تاريخها كله..

وهو ما عرض النسيج الوطني لخطر التفسخ والشقاق، لدرجة أن المصريين وقتها ضاقت صدورهم بالاختلاف، وضاعت بينهم فضيلة قبول الرأي والرأي الآخر ، وظهرت بوادر احتقان اجتماعي وشروخ وتصدعات بين مكونات المجتمع وفئاته المختلفة، والتي لولا لطف الله لوصلت بنا إلى طريق اللاعودة.

ولم يكن ذلك كله ليحدث لولا هذا الإعلام المحرض والمشحون الذي لا تزال مصر تعاني تبعاته الأليمة، والذي لم يتورع حينها عن نفاق نخب ووجوه أكلت على كل الموائد، وفعلت الشيء ونقيضه، وأجادت لعبة التحول والتلون والنفاق والموالاة خدمة لمصالحها الضيقة، ورغم اختفاء بعض أو كثير من هذه الوجوه وابتعادها عن الشاشات.. لكن هناك للأسف من لا يزال يرتدي الأقنعة، ويمارس الدور نفسه بسماجة وتنطع لا حدود لهما حتى صدق نفسه.

Advertisements
الجريدة الرسمية