رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وكلوا واشربوا ولا تسرفوا!


المدهش حقًا في رمضان أن ضغط الناس يشتد على السلع والخدمات والمرافق بصورة تثير الفزع، لفرط ما نراه من تناقض صارخ بين تعاليم الإسلام وسلوكيات المسلمين.. فبينما يأمر القرآن أصحاب هذا الدين بالاعتدال والوسطية في الأمور كلها بقوله "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا"..


وهو الأمر الذي أعاد النبي التأكيد عليه بقوله صلى الله عليه وسلم "ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًا من بطنه فإن كان لا محالة فاعلًا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه".. لكن شتان بين مقاصد الشرع الحنيف وتعاليمه السمحة وبين سلوكات المسلمين وأفعالهم دون خلق الله جميعًا، وهي سلوكات فيها من البذخ والسفه أكثر مما فيها من الاعتدال والرشد وروح الدين.

فالصائمون رغم أنهم يتناولون وجبتين في اليوم فقط لكن الأرقام كلها تؤكد أن استهلاكهم للغذاء في رمضان يفوق ما يستهلكونه على مدار العام كله.. وما يضاعف الأسى حجم الإهدار والفاقد في الطعام والشراب الذي يذهب إلى سلال المخلفات والقمامة من أطعمة تخاصم بطون الفقراء والمعدمين الذين هم أشد ما يكونون احتياجا لها..

بينما تجد موائد الإفطار في بيوت كثيرة عامرة بما لذ وطاب وبما يفيض عن حاجة أصحابها لدرجة أن الواحدة منها قد تسد جوع عشرات الصائمين، ولا يتوقف البذخ عند ذلك الحد بل يمتد لبعض موائد الرحمن التي انتشرت للأسف بشكل كبير في أماكن عديدة وتزدحم بروادها بصورة واضحة.

ورغم أن إطعام الفقراء والمساكين مطلوب لكن البذخ مرفوض؛ فإفطار الصائم قد يكون بشربة ماء أو مزقة لبن أو تمرة.. وتوجيه فوائض أموالنا لسبل أكثر نفعا كبناء مستشفى يعالج فيه الفقراء أو مدرسة تقدم لهم تعليما نافعا أو مصنع يوفر فرص عمل للمتعطلين منهم.

ومن أسف أن هذا المسلك المعيب يتفاقم عاما بعد عام.. فهل يعقل أن تضرب حمى الاستهلاك النهم عالمنا الإسلامي حتى أن حجم إنفاقه على الطعام في رمضان يتجاوز مليارات الدولارات.. وهي آفة لم تنج مصر منها بل لعلها الأكثر استهلاكا وإسرافا بين قريناتها رغم اعتمادها الكبير على الاستيراد الذي يتجه أغلبه إلى الغذاء.
Advertisements
الجريدة الرسمية