رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لماذا لا تكون وسطية الإمام منهاجا لعلمائنا اليوم؟!


لقد كان الشيخ الشعراوي رحمه الله "جامعة" وحده بما قدمه من تجديد للفكر الديني، واجتهاد لم يقف عند حدود الخطاب الديني فقط.. وحين تولى أو بالأحرى وُلِّى وزارة الأوقاف، لم يعرف عنه أنه سعى لهذا المنصب بل إن المنصب هو الذي سعى إليه، فهو المؤمن بأن من سعى إلى شيء وُكِّل به ومن دُعِى إلى شيءٍ أُعين عليه.


وذات مرة سأل الرئيس الراحل أنور السادات الشيخ الشعراوي وزير الأوقاف -وقتها-: هل صحيح أنك لا تجلس إلى مكتبك يا شيخ شعراوي فرد الإمام على الرئيس بدعابة لا تخلو من مغزى: نعم.. حتى يتسنى لي رؤية الناس ذوي الحاجات الذين يقصدونني كوزير مسئول.. ثم أردف: و"إذا رفدتموني.. أقول يا فكيك"!

والمعنى واضح في رد إمام الدعاة؛ ذلك أن الرجل قبل المنصب على مضض وبعد طول إلحاح عليه، فلم يكن حريصًا على الجاه ولا السلطان، لإدراكه أن الوزارة وزر ثقيل، وعبء جسيم، وليست كما يظنها كثيرون وجاهة ونفوذًا ومغانم..

وهكذا تجلت وسطية الإمام واعتداله وسعة فهمه وجودة اجتهاداته التي نرجو لو أصبحت منهاجًا لعلمائنا اليوم.. فكم كان الإمام ملاذًا التجأت إليه أفئدة الناس وسارعت إليه وسائل الإعلام تذيع أقواله وآراءه ردًا على موجة العنف والتكفير التي اندلعت بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة المسلحين..

وبالفعل نزلت كلماته بردًا وسلامًا على قلوب المصريين وعقولهم فاستعادوا بها روح الدين الحق واستكانوا لتفسيراته وحبه لوطنه واعتزازه بمصريته التي صارت مضرب الأمثال حين قال ردًا على من تطاول على مصر:

"مصر الكنانة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهلها في رباط إلى يوم القيامة، من يقول عن مصر إنها أمة كافرة إذن فمن المسلمون.. من المؤمنون، مصر التي صدرت الإسلام إلى الدنيا كلها، صدّرته حتى إلى البلد الذي نزل فيه الإسلام، هي التي صدرت للدنيا كلها علم الإسلام.. أما دفاعًا عن الإسلام فنعود إلى التاريخ.. من الذي رد همجية التتار عنه؟ إنها مصر، من الذي رد هجوم الصليبيين عن الإسلام والمسلمين؟ إنها مصر، وستظل مصر دائمًا رغم أنف كل حاقد أو حاسد أو مستغِلٍ أو مستغَلٍ أو مدفوعٍ من خصوم الإسلام هنا أو خارج هنا".

هذا هو إمام الدعاة الشيخ الشعراوي الذي ولد في مثل هذه الأيام وتحديدًا قبل 108 أعوام، كان لا بد التذكير بفضائله وأخلاقه حتى يكون قدوة للدعاة وللساسة ولمن تبوءوا المناصب في كل زمان ومكان.
Advertisements
الجريدة الرسمية