رئيس التحرير
عصام كامل

محمد مشالي.. ملاك بدرجة طبيب.. الأهالي يطالبون محافظ الغربية بإطلاق اسمه على أحد الشوارع.. والفقر بداية انطلاق «الدكتور».. يرفض رفع أسعار الكشف.. ويؤكد: ربنا بيبارك في القليل

الدكتور محمد مشالي
الدكتور محمد مشالي

في ظل ما تشهده بعض العيادات الخاصة والمستشفيات من أرقام خيالية نظير «فيزيتا» الكشف، ومن وسط عتمة الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة تخرج طاقة نور لأناس حملوا على عاتقهم تخفيف معاناة وآلام المرضى.


الدكتور محمد مشالي، الرجل السبعيني أحد أشهر أطباء الأطفال والباطنة بالغربية، من مواليد محافظة البحيرة بإيتاي البارود عام 1944، والملقب بـ«طبيب المطحونين»، رغم خبرة سنوات شهد بها القاصى والدانى ومع ارتفاع الأسعار والأرقام الخيالية لكثير من الأطباء يرفض مشالي اكتناز الأموال من جيوب الفقراء، لذلك استمر لسنوات طويلة لا يتجاوز سعر كشفه داخل عيادته الخاصة الـ6 جنيهات، ولم يرتفع إلا من شهور قليلة ووصل إلى 10 جنيهات، وتحديد أيام وحالات بعينها لتوقيع الكشف بالمجان.

وصية والده
الدكتور مشالي قرر تنفيذ وصية والده بأن يسخر علمه وموهبته لخدمة الفقراء وليس لجمع الأموال، فيذكر الطبيب آخر كلمات والده وهو على فراش الموت وهو يقول له: «لا تحصل ثمن الكشف ممن لا يملك قوت يومه».

حرص مشالي على اختيار مكان ذي كثافة سكانية عالية وشعبي لوجود أعداد كبيرة من غير القادرين ليعالجهم بقيمة رمزية، فاختار أن يجاور مسجد السيد البدوى بطنطا.

البداية
تخرج مشالي في كلية طب قصر العيني عام 1967، وعمل بالوحدات الريفية كى يقوم بالإنفاق على أشقائه الـ5 عقب وفاة والده الذي كان أحد كبار رجال التعليم يوم تخرجه وترك معاشًا ضعيفا، ظل هكذا 8 سنوات بعدها تزوج وأنجب 3 أبناء وتخرجوا جميعا في كلية الهندسة، وبعدها توفى شقيقه وترك له 3 أطفال في المرحلة الابتدائية، تكفل بهم الطبيب حتى تخرجوا من الجامعات.

مع كل هذا لديه قناعة ورضا تام بأن ما يفعله من خير باق وكرس حياته للقراءة وعمل الخير فقط، تاركا الدنيا بما فيها خلف ظهره، مؤكدا أن القراءة علمته الاعتدال في الحياة والاتزان وحسن التصرف في مجريات حياته.

الفقر واليتم
وعن القصة التي كانت لها التأثير عليه لاختيار تلك الطريقة وتركت في نفسه أثرا يحكى "طبيب الغلابة" أنه كانت هناك أسرة فقيرة جدا، وكانوا أطفالا أيتاما وأحدهم يتناول "حقنة أنسولين" باستمرار، وليس لدى والدته أموال، والجوع يضرب تلك الأسرة، فقالوا لها: "نأكل أولا" فلما سمع شقيقهم المريض هذا قام وأشعل النار في نفسه كى يعفي الأسرة من الهم وثمن الإنسولين، قائلًا: «منذ تلك الواقعة قررت أن يكون عملي صدقة جارية لكل من يحتاج أو يطلب».

لا إجازات
وعن مواعيد عمله يقول مشالي: إنه يعمل طيلة أيام الأسبوع وليس لديه أي إجازات حتى في الأعياد والمناسبات، ويبدأ عمله من الثامنة صباحًا وبعدها يستقل القطار إلى عيادته بقرية شبشير الحصة، ومنها إلى قرية محلة مرحوم حتى ينتهى من المرضى الموجودين ويعود إلى محل إقامته بطنطا مرة أخرى، لينتهي دوامه اليومي قرابة العاشرة مساءً، أي أن رحلة عمله اليومية تستمر لأكثر من 10 ساعات.

ويقول مشالي: إنه يحمل كافة متعلقاته الشخصية وإفطاره يوميا داخل «كيس بلاستيك» عقب شرائها من منطقة سوق الجبان وشارع الحكمة مرورا إلى عيادته المكونة من غرفتين في أحد المنازل العتيقة بطنطا، إيمانا منه بأن المشي رياضة ويفيد الصحة، مؤمنًا أن الله عز وجل أعطاه أكثر مما تمنى وسعيد بحياته، مؤكدًا على أنه اختار أن يكون وسط محدودى الدخل والفقراء، فحالهم يبكي، وأنه لا يحب المبالغة في أسعار الكشف، وأن الله تعالى دائما يبارك في القليل، والناس دائما تحتاج لمن يقدم لها يد المساعدة، وأنه لم ولن يفكر في رفع ثمن الكشف إلى 100 أو 200 جنيه كغيره من الأطباء.

خطوات الخير التي ينتهجها طبيب الغلابة دفعت الملايين من الأسر والعائلات بطنطا إلى إطلاق مبادرة شعبية تناشد اللواء هشام السعيد محافظ الغربية بضرورة إطلاق اسمه على شارع أو ميدان عام تخليدا لدوره الإنساني في علاج المرضى الغلابة من أبناء المحافظة.
الجريدة الرسمية