رئيس التحرير
عصام كامل

مصر - أفريقيا.. علاقات أتلفها الهوى!


لم يكن التوجه المصري نحو الشركاء في القارة السمراء ترفا أو غزلًا غير عفيف، بل كان وسيظل ذا ثقل لأمننا القومى، تفرضه مقتضيات الأمر الواقع، وتاريخنا المشترك في الجوار، والكفاح المشترك ضد فلول الاستعمار، فعودة مصر لأحضان أفريقيا مكسب مشترك لا يمكن التقليل من شأنه بعد سنوات طوال من القطيعة والمجافاة.


طوال سنوات مبارك تعرضت علاقاتنا بأفريقيا لمنحدر شديد وهو ما استغلته إسرائيل جيدًا في مد نفوذها ومدت جسور التواصل مع الدول الأفريقية خاصة مع أديس أبابا وإريتريا، فلم يكن نظام مبارك لديه رؤية ثاقبة في التعامل مع الملف الأفريقي، وقد ساءت تلك العلاقات أكثر عقب تعرض مبارك لمحاولة اغتيال فاشلة في أديس أبابا في صيف 1995 بما كان مدعاة أكثر لإهمال الملف الأفريقى.

بينما شهد عهد الرئيس خالد الذكر جمال عبد الناصر ازدهارًا حقيقيًا ونموا في العلاقات المصرية الأفريقية حيث سعى ناصر حثيثًا لدعم كل حركات التحرر في أفريقيا فكان سندًا حقيقيًا لتلك الدول، ولا زالت ذكراه لها دوي في معظم الدول الأفريقية.

أتذكر نقاشاتى مع زملائى الإعلاميين والصحفيين الأفارقة حال تواجدى في الهند العام الفائت، حيث دارت النقاشات في رحى ضرورة عودة مصر إلى كينونتها الأفريقية، وأجمعوا حسب وجهة نظرهم أن مصر دائما ما تنظر إلى نفسها باعتبارها دولة عربية فقط، وقد جاء التوجه المصرى في الفترة الراهنة مخالفًا لظنونهم، حيث إن هناك خطوات جادة لتدشين وتمتين جسور العلاقات مع الشركاء الأفارقة.

كنت مبهورا بعبد الناصر عندما تحدثت زميلة لنا من غينيا عن تخرجها من جامعة جمال عبدالناصر بالعاصمة الغينية "كونكارى"، وكيف ساعد ناصر معظم الدول الأفريقية في سبيل طرد فلول الاستعمار.

الخطوات المتسارعة التي تخطوها القيادة السياسية نحو أفريقيا أتوقع أن يكون لها مردود إيجابى فيما يتعلق بأمننا المائى والقومى، ويخلق فرصا جادة للاستثمار والسياحة البينية الأفريقية.

أعتقد أن استخدام قوتنا الناعمة يفتح آفاقا جديدة لتعزيز علاقاتنا مع الدول الأفريقية خاصة مع ترؤس مصر للاتحاد الأفريقي في 2019، واستضافة مصر لبطولة الأمم الأفريقية يونيو المقبل، واستضافة مؤتمر الشباب الأفريقى مارس المقبل.

كما كان لمصر مشاركة فاعلة في منتدى أفريقيا لدعم الاستثمارات في القارة، ومنتدى أفريقيا لتطوير مناطق التجارة الحرة، ومنتدى أفريقيا لدعم مكافحة الإرهاب، وإطلاق البرنامج الرئاسى لتدريب الشباب الأفريقى على القيادة.

ويُعد قطاعا السياحة والطيران من القطاعات الأكثر أهمية في الغزل الأفريقى باعتبارهما أسلحة ناعمة ذات أصداء جيدة في تدشين قنوات اتصال فاعلة بين مصر والشركاء الأفارقة، خاصة بإعلان قطاع الطيران بتعزيز خطوط الطيران مع الدول الأفريقية، وتبنى القطاع السياحى خطة تحرك واعدة تجاه الأسواق الأفريقية، والعزم نحو تدشين منظمة السياحة الأفريقية.
الجريدة الرسمية