رئيس التحرير
عصام كامل

تأهيل الرأسمال البشري المصري أمام الثورة الصناعية الرابعة


في دراسة أعدها معهد ماكنزي ٢٠١٨ بعنوان "تسخير الأتمتة من أجل مستقبل ضامن للشغل" تبين أن نحو ٥٠٪؜ من الوظائف المتعارف عليها حاليا قابلة للأتمتة (التشغيل عبر التكنولوجيا والآلة)، وبالتالي ستنقرض كوظائف بشرية رغم أن ١٠٪؜ من الوظائف ستنتهي كليا قبل ٢٠٣٠، وتوقعت الدراسة أن ٦٠٪؜ من الوظائف ستخضع لتحول تدريجي، وبالتالي ستكون هذه التحولات لها تأثيرات كبيرة نحو سوق العمل والموارد البشرية، أيضا نمط التعليم الكلاسيكي. 


وفي دراسة أخرى لنفس المعهد البحثي تبين أن هناك من ٤٠٠ مليون إلى ٨٠٠ مليون سيتأثرون بالتغير في نوعية الوظائف خلال العقد المقبل، لذا فإن تطور مهارات الفرد والمرونة في اكتساب مهارات جديدة والتعلم المستمر ستكون تحديا أمام الأيدي العاملة.

أن متغيرات الثورة الصناعية الرابعة باعتمادها المطلق على الإنترنت والذكاء الصناعي ساهمت في تطوير نمط التعليم الكلاسيكي إلى تعليم رقمي عبر الإنترنت، ولكن في المقابل شكلت تغيرا في احتياجات الموارد البشرية التي يتطلبها سوق العمل مستقبلا بما قد يشكل اضطرابات اجتماعية وهدرا للرأسمال البشري وكلفة التعليم ذاته..

وبنفس الأدوات التكنولوجية فإن التعليم المستمر متاحا عبر منصات التعلم في الإنترنت بتكلفة منخفضة بل إنها قد تمثل مجالا استثماريا مستحدثا لريادة الأعمال للدراسة عبر الإنترنت ودفع التنمية الاقتصادية على المدي الطويل.

في أكتوبر الماضي أطلق البنك الدولي مؤشر رأس المال البشري لأنه محور التنمية الاقتصادية المستدامة، مثلما نجحت الهند والصين.. ليتزامن مع حصول "بول رومر" على نوبل في الاقتصاد، والذي أكدت أبحاثه أن التقدم التقني يجب أن يكون عاملا ذاتي المنشأ لتحقيق التنمية، وأصبح جزءا من معادلة النمو الاقتصادي، ونشر "رومر" مقالة في Journal of Political Economy حول “التغير التكنولوجي ذاتي المنشأ”. 

وقد حدد أربعة عوامل تشكل معدل النمو الاقتصادي للدولة: الرأسمال النقدي، والعمل، والرأسمال البشري، ومعدل التكنولوجيا في الدولة.. في تطور للمعادلات الاقتصادية الكلاسيكية لذا فإن تطور الرأسمال البشري اعتمادا على التكنولوجيا هو أهم عاملين طبقا لاحداثيات الثورة الصناعية الرابعة.

في ٢٠١١ اطلق "سيباستيان ثرون" أستاذ جامعة ستانفورد دورة مجانية عن الذكاء الصناعي عبر الإنترنت، التحق بها ١٦٠٠٠٠ فرد من ١٩٠ دولة، ثم اسس في ٢٠١٢ شركة للتعليم عبر الإنترنت تحت مسمي Udacity، وفي نفس العام اشتركت جامعة هارفارد مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا شركة غير هادفة للربح تحت مسمي edx..

لذا فقد أصبح التعليم عبر الإنترنت وتقنيات الذكاء الصناعي تحديا أمام التعليم النمطي، واتجهت دول نحو توجيه طلاب المدارس الثانوية نحو هذه المنصات التعليمية منخفضة التكلفة.. هذا إلى المرونة القائمة على إمكانية التعلم في أوقات تناسب المتعلم خاصة إذا كان مرتبطا بوظيفة.

أن شبح البطالة الناتج مستقبلا عن متغيرات الثورة الصناعية الرابعة يجعل التعلم مستمرا لتنمية المهارات، لأن مناهج الجامعة قد تصبح بلا قيمة بعد مرور عشرة سنوات أمام التطور السريع.

أن تنامي ميزانيات الشركات عابرة القارات على ميزانيات الدول مجتمعة يعد مؤشرا للتطور، وفي عام ٢٠١٦ أصبحت قائمة أكبر عشر شركات عالمية تسعة منهم تعمل في نطاق التكنولوجيا، رغم أنه في ٢٠٠٦ كانت شركات الطاقة تتصدر القائمة، بما يجعل الإبداع التكنولوجي هو المجال الاقتصادي الأكثر نموا خلال العقد القادم، وتشير الإحصائيات أنه يعتمد بدرجة على التعلم عبر الإنترنت وليس على النمط الكلاسيكي.

أن منهجية وزارة التعليم المصرية نحو التعليم الرقمي تتواكب مع متغيرات التطور، ولكنها تحتاج قرارات أكثر جرأة وسرعة نحو الاعتماد على المنصات التعليمية عبر الإنترنت لتخفيض تكلفة التعلم الكلاسيكي والدروس الخصوصية، مع تدريب العاملين في الشركات والمؤسسات نحو استخدام الإنترنت نحو التعلم المستمر لتطوير المهارات لمواجهة شبح البطالة القادم على العالم..

لأن مصر تملك من الرأسمال البشري في المهجر ٨٦٠٠٠ عالم مصري منهم ٤٢ في يشغلون منصب رئيس جامعة عالمية بالإضافة إلى ٨٥٠٠٠ خبير في العلوم التطبيقية.. قد يصعب أن يعودوا إلى الوطن ولكن يسهل تواصلهم من خلال دورات تعليمية عبر الإنترنت.

الجريدة الرسمية