رئيس التحرير
عصام كامل

هل من معتبر؟!


من الحقائق المؤكدة أنه لا يقع في ملك الله تعالى إلا ما إرادة سبحانه، وأن الكون بما فيه في قبضته عز وجل، وأنه لا حركة لمتحرك ولا سكنة لساكن إلا بعلمه وبقدره وتقديره سبحانه وتعالى، وهو الفعال لما يريد. ولا شك أن لله تعالى من آن إلى آخر رسائل يرسلها للبشر حتى يخرجهم من غفلتهم ويوقظهم من رقدتهم في أحضان أهواء أنفسهم وشهواتهم التي طالت.


وأعتقد أن هذا البرد القارس والجو السيئ بما فيه من رياح عاتية وأتربة وعواصف وسيول تعطلت على أثرها الحياة هي رسالة من الله عز وجل للبشر يقول لهم فيها: "أفيقوا من غفلتكم التي طالت وراجعوا أنفسكم وحاسبوها من قبل أن تحاسبوا، وأصلحوا ما أفسدتم ولا تنسوا أنكم ضعاف لا حول لكم ولا قوة، ولا قدرة لكم على حري وبردي، وعودوا إلى رشدكم وتوبوا إلى واستغفروني من قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه ندم النادمين".

نعم إن ما يحدث في الأرض ولأهلها رسالة من الله تعالى يجب الانتباه إليها جيدا، وقراءتها قراءة صحيحة، خاصة بعدما ظهر الفساد وتفشى في البر والبحر، وانغمس الكثيرون من البشر في الملذات والأهواء والشهوات، وانعدمت لديهم القيم الإنسانية النبيلة والأخلاق والحياء من الله عز وجل.

وفي نظرة سريعة على أحوال معظم وغالبية البشر نرى أنه تم هجر المساجد وعمرت الحانات ودور اللهو والمجون والدعارة في شتى بقاع الأرض، وذهبت النخوة والرجولة والشهامة من الرجال، وتعرت النساء، وخلعت أثواب الحياء، وتفشى الزنا، وشربت الخمور وإنقاد الكثير من البشر خلف الأهواء والشهوات بعدما ألقوا كتاب الله من وراء ظهورهم، وتركوا هدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ونسوا الموت والقبر والحساب، وأخسروا الميزان، واستغل الإنسان أخاه الإنسان..

وأصبح الفاجر الذي يملك المال سيدا يعظم له ويحترم، والرجل الصالح غريبا لا وزن له ولا قيمة ولا احترام. وأصبح التدين شكلا ورسما.. يتوضأ المصلى فينظف بدنه وقلبه مريض بحب الدنيا، ونفسه ممتلئة بالحقد والغيرة والغل والحسد، ويقف بين يدي الله يصلي.. أي صلاة هذه.. ويصوم الصائم وهو يغتاب وينم ويأكل من الحرام.. أي صوم هذا..

وأصبح جمع المال بلا تحرى هل من حلال أم من حرام. وتؤدي مناسك الحج بأثواب من حرام ونفقة من حرام. أي حج هذا.. هذا والأدهى والأمر أن الدماء البريئة تسفك وتباح باسم الدين، والدين من الدماء المسفوكة بغير حق براء.. وتجد علماء اشتروا دنياهم بدينهم يتشدقون بكلام طيب ونفوسهم مريضة، يأمرون الناس بالمعروف وينهون عن المنكر في الوقت الذي لم يأتمروا ولم ينتهوا.

هذا وقد نزعت الرحمة من قلب الكثير من الناس فتجد معظم التجار أهل جشع واستغلال، وتجد معظم المسئولين والموظفين فاسدين مرتشين لا خوف من الله تعالى ولا ضمير. وترى الأرحام التي أمر الله عز وجل أن توصل مقطعة وساد بين أصحابها الكرة والحقد والحسد والعداء، وترى عقوق الوالدين في معظم البيوت بدلا من الإحسان إليهما..

وتجد معظم شبابنا أصيب بالتقليد الأعمى لأصحاب صيحات الغرب الضالة المضلة.. هذا وللأسف الشديد نجد الفساد قد استشرى في كل مناحي ووجوه الحياة.. فاعتقد أنه من أجل ذلك تأتينا رسائل من الله تعالى رحمة بنا لعلنا نرجع ونتوب إليه ونستغفره ونصحح أحوالنا قبل فوات الأوان..

ويجب أن ندرك أن ما يحدث في الجو الآن لا يوازي ذرة مما سوف يحدث عند قيام الساعة، وما سيقع فيها من الأهوال العظام.. يا رب نعتبر ونتعظ ونكون قد وصلتنا رسالتك.. اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك فأغفر لنا وارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.
الجريدة الرسمية