رئيس التحرير
عصام كامل

أسبوع اللعب في الدين


من تونس جاءت المصائب، لا مبالغة فما ما جرى لنا منها كانت مصائب، أحرق "بوعزيزي" نفسه فأحرق معه جيوشا وشعوبا عربية، في تونس جرى أول خروج على الشريعة، على القرآن الكريم، وافقت الحكومة والبرلمان على مساواة المرأة بالرجل في الميراث، النص القرآني قاطع في حد الميراث، للذكر مثل حظ الأنثيين، حزب النهضة الإخواني.. أكرر.. الإخواني.. لم يعترض.


كل مسلم حقيقي يعترض، فتح باب التغيير في أحكام القرآن الكريم سوف تترتب عليه عواقب كارثية، اليوم غيروا أحكام الميراث.. غدا يغير آخرون أحكام الصلاة والزكاة والقصاص، أحكام الحلال والحرام، يريدون إفراغ القرآن الكريم من حدوده القاطعة، حين تتأمل الاتجاه العكسي لما جرت به الأمور ليس في تونس وحدها بل في مصر أيضا، ستخلص إلى سؤال منطقي: كيف يعقب التطرف الديني تطرف في اللادين؟ لماذا يقع شطط ومغالاة تصل لحد قطع الرقاب ظنا أنها قرابين لإرضاء الرب، ثم يتلوه شطط ومغالاة في تحدي الرب؟

الثورات العنيفة المجنونة هي أعاصير بشرية من تدبير بشر، لذلك لن تنحسر بسهولة دون نتائج كارثية، الأعاصير الطبيعية مهما خلفت وراءها من دمار، إلا أنه يبقى مجرد دمار مادي، ينال البيوت والطرق والكباري والكهرباء... بل بالعكس ربما يثير في الإنسان غريزة القتال والرغبة في البقاء، الثورات العنيفة أعاصير تضرب في الفكر وفي العقل، وتزرع جحودا ونكرانا للقيم والأخلاق حتى الدين.

أعداد الملحدين تضاعفت بشكل مخيف في عز حكم الإخوان لمصر، سنة واحدة حكموا فيها البلد كفروا الناس بالله، وهم المفروض يعني دعاة إلى الله!

حتى بعد أن راحوا في داهية، وإلى اليوم كلنا نصرخ ألما من مستوى تراجع الأخلاق، وشيوع الانحطاط، بل وانتشار الموبقات رغم التردد الغزير الوفير الكثير على دور العبادة!

هو إذن تدين ظاهري، شكلي، لا شيء حقيقي في العقل ولا في العقيدة، منتهى التطرف يقود إلى منتهى التطرف في الاتجاه العكسي، تطرف هنا يقابله تطرف هناك، ربما يعلن عن نفسه في وقت آخر، وهكذا أعلن عن نفسه في دولة عربية مسلمة غيرت في أحكام القرآن وخرجت عليها.

يقولون إنها السياسة ومواءمة العصر ومصالح الناس، أحكام الله أدرى بمصالح الناس ومواءمة لكل العصور، وقبل أسبوع فقط في مصر كان النقاش مسعورا وجدليا حول السنة ومراجعة أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، كلمتا الرئيس والإمام لم تختلفا أبدا، ومع ذلك حاول البعض إظهار الرئيس على أنه منكر للسنة، وهذه وقيعة وفتنة كبيرة. ومقصودة ولا يزال البعض يشتغل فيها وعليها لتنمو، وهو ما نبهنا إليه الأسبوع الماضي هنا، التونسيون ذهبوا إلى ما هو أبعد وأفحش، غيروا في القرآن.
بدلوا الأحكام الخاصة بالميراث.
تلك بداية فتنة كبيرة قادمة من جثة "بوعزيزي".
الجريدة الرسمية