رئيس التحرير
عصام كامل

الست دي.. مصرية


"نبيلة مكرم عبد الشهيد واصف"، مواطنة مصرية من الطراز الأول، استطاعت خلال عملها الوظيفي بوزارة الخارجية أن تحفر اسمها بحروف من نور، وقد كان لأدائها الدبلوماسي المتميز دور في إعادة واحدة من أهم الوزارات التي ألغيت منذ سنوات طويلة، لتتحول إلى هيئة داخل وزارة القوى العاملة، وقد أثبتت الأحداث المتوالية أن عودة الوزارة لم تكن هي الحدث الأكبر فكم من وزارات قائمة لا يشعر بوجودها المواطن.


تذكرنى السفيرة "نبيلة مكرم" بما كان مع الراحل العظيم الدكتور أحمد جويلى وزير التموين؛ في الفترة من عام ١٩٩٤ وحتى ١٩٩٩م، عندما صدر قرار تعيينه وزيرا للتموين في الوقت الذي ظن فيه الجميع أنها قبرت ودفنت، ولم يعد لها دور.. أعاد جويلى للوزارة أدوارًا كانت "مخفية" عن الجميع واستطاع في فترة وجيزة أن يفرض وجوده على الساحة، فأصبح أهم وزير تطارد أخباره كبريات الصحف.

"نبيلة" من نفس المعدن الذي يستطيع أن يخلق لذاته أدوارا مهمة في خدمة الوطن.. بدأت في رسم خريطة جديدة لأدوار مهمة وطنيا وقوميا ودوليا، فخاضت معارك عدة لمواجهة استغلال بعض الدول لعمالة الأطفال المصريين في إنعاش أسواق المخدرات والدعارة، واستمع لها العالم ووجدت فيما تقول صدى من المؤسسات الدولية، واستجابت لها دول كبري فيما ذهبت إليه خاصة بعد أن قامت بأدوار متميزة في مواجهة الهجرة غير الشرعية.

ولم تتوقف "نبيلة" عند حدود الهجرة غير الشرعية، بل تحولت بين يوم وليلة إلى أكبر محام للدفاع عن مصالح المصريين بالخارج وظهر صوت مصر جليا وقويا في كل أزمة يتعرض له مصري بالخارج، وفق آليات حوار راقية أدارتها مع دول شقيقة لرفع الظلم الواقع عن مصريين يتعرضون لحوادث فريدة لا تعبر عن مواقف رسمية، ورغم عملها الدبلوماسى الذي قد يتصوره البعض عملا نخبويا، إلا أن ما قامت به خلال الفترة الماضية أثبت أن لديها حسا سياسيا شعبيا مدهشا.

ونظن أن خبراتها الدبلوماسية "أصقلت" مواهبها في التعامل مع أحداث كانت في الماضي تتسبب في خلافات بيننا وبين أشقاء.. مارست عملها وفق آليات جراحية دقيقة وأحيت فينا قضايا كانت هي والعدم سواء، فقامت بالاحتفاء بالجاليات الأجنبية المقيمة في مصر ونفضت غبارا فعلته سنوات النسيان عن أدوار لجاليات أجنبية في بلادنا كانت بمثابة إشعاع حضارى أضاف إلى الثقافة المصرية روافد أصبحت متجذرة في أعماقنا الثقافية.

ولعل حسها السياسي المتميز جعلها تصبح مادة لعناوين الصحف ونشرات الأخبار وجدلا قائما بين صفحات السوشيال ميديا، وربما كان تحركها بضمير وطنى كان مصدر ثقة المصريين فيها وإيمانهم بدورها الذي استطاعت في فترة وجيزة أن تضع له إطارا اتسع لما هو أبعد من فكرة الوزير السكرتير الذي ينتظر التعليمات ليتحرك بعد أن استوعبت أمر التكليف وتحركت بحرية تامة للقيام بدورها على أكمل وجه.

ولم تفرض احترامه على الداخل فقط بل حظيت بتقدير يليق ببلادها وبتاريخها في الخارج خاصة أنها تبنت منذ البداية طريق الصدق والتلقائية المحسوبة.. ولا أنسى كيف كان يتحدث عنها وزير الهجرة في دولة أرمينيا أثناء زيارتى الأخيرة احتفالا بمرور ٢٨٠٠ عام على نشأة مدينة يريفان عاصمة أرمينيا.. لقد تركت أثرا نفسيا إيجابيا في قلوب ونفوس وعقول الجاليات الأجنبية التي عاشت وتوالدت واندمجت في النسيج المصري بإعادتها فكرة الاحتفاء بأدوارهم في بناء وطنهم مصر.

تحية لوزيرة التقيتها مرات قليلة، وفي مناسبات عامة غير أنها تحفر يوميا اسمها بحروف من نور.. تحية لكل مسئول يعمل وفق ضميره الوطني دون انتظار التعليمات، ولا تحية إلى هؤلاء الذين يعتبرون المناصب مجرد إضافات إلى أسمائهم وهم في الأساس مجرد سكرتارية!!
الجريدة الرسمية