رئيس التحرير
عصام كامل

الاقتصاد الرقمي.. بوابة الاقتصاد المصري نحو العالم


في ظل إحداثيات العولمة ودخول العالم إلى الثورة الصناعية الرابعة التي تعتمد على الإنترنت والذكاء الصناعي أصبح تهيئة المناخ الاقتصادي المصري نحو استيعاب تطورات التكنولوجيا حتميا، لذا أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارًا جمهوريًا رقم 89 لسنة 2017 بإنشاء المجلس القومي للمدفوعات برئاسته..


ومن مهامه خفض التعامل بأوراق النقد خارج القطاع المصرفي من تفعيل الأنظمة الإلكترونية عبر الإنترنت أو المحمول أو الماكينات، ومراقبة عمليات غسيل الأموال، وتحقيق الشمول المالي وتقليص الاقتصاد غير الرسمي ونحو تفعيل التنافسية أيضا وتحقيق الحماية الإلكترونية..

ويجهز المجلس لإعداد مشروع قانون تطوير المعاملات المالية غير النقدية، وتعزيز مبادرة البنك المركزي بإنشاء نظم بطاقات دفع ذات علامة تجارية وطنية وتمكين حامليها من استخدامها في الحصول على الخدمات المالية المختلفة لإدماجهم في النظام المالي، أيضا يجب ألا نغفل اتفاقية الهيئة القومية للبريد مع شركة فيزا العالمية لتدريب الموظفين العاملين في مكاتب البريد نحو التكنولوجيا في النطاق ذاته.

إن اجتماعات البنك الدولي في أبريل الماضي أسفرت عن إطلاق مبادرة الاقتصاد الرقمي لأفريقيا كمحرك مستحدث للنمو الاقتصادي، ولعل أفريقيا تضم ٢١ دولة من أقل ٢٥ دولة ربطا بالاقتصاد الرقمي، لكن هناك تجاربًا ناجحة مثل كينيا ورواندا والسنغال، وتشير الدراسات إلى أن تحسين العمليات والخدمات التابعة للمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص هو مسار حيوي لتحفيز النمو الاقتصادي للاقتصاديات الناشئة.

إن أهم التقارير الدولية الجاذبة للاستثمارات الأجنبية التي تقيس مدى استجابة الدولة للانخراط في الثورة الصناعية الرابعة هي تقرير تقنية المعلومات، وهو يعبر عن مدى جاهزية الشبكات والبنية التحتية لاستيعاب الاحتياجات التكنولوجية، ويلاحظ وجود تطور نوعي في سرعات الإنترنت نسبيا في مصر.

إن كل التوقعات الاقتصادية العالمية نحو النمو الاقتصادي المصري تراهن على أثر الغاز والاستثمار العقاري في مصر، لكن ميزة الاقتصاد الرقمي كمحفز للنمو يحقق مناخًا حاضنًا لريادة الأعمال في البرمجة والذكاء الصناعي، خاصة في دولة مثل مصر تمتلك طاقة هائلة من الموارد البشرية الشابة قد تشكل سوقا مزدهرة وقد حققت الهند نموا اقتصاديا مماثلا في ظل عالم أصبحت فيه المنصات التجارية أهم سمات حركة التجارة العالمية.

يجب أن تحقق الحكومة الدعم الكامل المادي والقانوني ومناخ الاستثمار نحو تعزيز الابتكار وتطور بيئة الأعمال نحو الاندماج الفعّال في الاقتصاد العالمي، لأن الموارد البشرية المصرية الشابة تنافس عالميا بقدراتها التنافسية وانخفاض تكلفتها نسبيا، لكن ما زال هناك تأخرا في براءات الاختراع خاصة في مجال تكنولوجيا الاتصالات، وما زال هناك نسب هجرات للمتميزين تكنولوجيا في إشارة نحو الحاجة لخلق مجتمعات ومراكز تدعم تطور بيئة الأعمال..

ولعل مصر قادرة على تحقيق التعاون بين الصناعة والبحث العلمي وتحفيزه لوجود عدد كبير من العلماء داخل وخارج مصر إلى جانب الجامعات المصرية مع دعم استثماري في هذا المضمار، مع دعم مبادرات ريادة الأعمال وتوفير الدعم الفني والمالي ولعل أفضل مناخ حاضن لمنصات ريادة الأعمال والتسويق لها هو الجامعات فتشكل سوقا لامتصاص معدلات البطالة..

كما أن المشروعات الصغيرة عموما تحتاج إلى الدعم والمعونة الفنية والمادية بصفتها المحرك الأهم للاقتصاد المصري مع التحفيز الدائم لدمج التكنولوجيا في هذه المشروعات، مع الالتزام بمعايير الجودة العالمية لتحقيق التسويق ثم التصدير كمعيار للنجاح والدعم الدائم.

إن تطور التعليم بمرونة بما يناسب احتياجات الأسواق العالمية مع الدمج المرن والمتنوع من خلال خلق دوائر تعلم وتدريب الموارد البشرية بعضها في أنظمة التعليم الرسمية والبعض يخضع لأنظمة أكثر حداثة مثل محاضرات الإنترنت والتعليم عن بعد من خلال منصات إلكترونية خروجا من نفق التعليم الجامعي، الذي أصبح مرهقا للدولة وللأسر المصرية..

بالطبع أي تغيير في الأنماط الثقافية للمجتمعات تحتاج حوافز وبرامج متكاملة لترشيد استهلاك الموارد البشرية الوطنية واقتصاديات الدولة بالتوازي.
الجريدة الرسمية