رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

وللآخرة خير وأبقى


تختلف الأهداف والغايات من إنسان لآخر، ولكل إنسان غاية وهدف سواء في الدنيا أو في الآخرة، وأعتقد أن معظم غايات وأماني غالبية البشر متعلقة بأمور دنيوية ومعظمها يدور حول متع الدنيا وأسباب السعادة فيها، التي تتلخص في الغنى والمال والثراء والجاه والسلطان والشهرة، وقد يتصارعون في الوصول إلى هذا..


وقد يغيب عن الكثير من الناس أنهم بين رزق مقسوم لا حيلة فيه وأجل محتوم لا مفر منه، وقد ينسى أو يتناسى البعض أنهم للدنيا مفارقون وعنها راحلون، وأنها دار فناء ومآلها إلى زوال، وأنهم مبتلون ومُختبرون فيها وسيعقبها وقفة بين يدي الله عز وجل، وسؤال وحساب ثم إلى جنة أو إلى نار، نسأله سبحانه السلامة..

المهم أن كل الأماني والأحلام والغايات الدنيوية ستنتهي بوفاة الإنسان ورحيله عن دنياه، إذا كلها غايات مؤقتة وإن تحققت من هناك يجب على الإنسان العاقل المدرك أنه في هذه الحياة الزائلة أنه في دار ممر يعمل على أن يكن حاله فيها كعابر سبيل، كما قال سيد العقلاء والحكماء النبي الكريم عليه وعلى آله الصلاة والسلام، وأن ينظر بعين الحقيقة التي ترى أن غاية الغايات الوصول إلى رضاء الله تعالى ورضوانه والمقام في حضرة القرب منه عزوجل، ومعايشة أنسه تبارك وتعالى والخلود في جنة النعيم..

هذا وإذا نظرنا أيضا بعين الحقيقة التي لا مراء فيها ندرك أن الله سبحانه هو الذي لا تفارقه ولا يفارقك وأن ليس لنا حبيب غيره، وقد جاء في الأثر أنه عندما يتوفى أحدنا ويجهز للدفن بعد تغسيله، والصلاة عليه وحمله إلى مثواه ودفنه في قبره وغلق بابه، يناديه ربه ومولاه جل علاه بقوله: "عبدي، حملوك وجاءوا بك وتركوك وإن بقوا معك ما نفعوك ولم يبقَ لك إلا أنا فهل جئتني بالصدق، أي في محبته عز وجل وعبادته، حتى آتيك بالوفا"، هنا وعند هذه اللحظة يسعد من يسعد ويُشقي من يشقى..

يسعد ويفرح من كانت غايته في الدنيا مرضاة الله تعالى والوصول إلى مقام القرب منه عزوجل، ويشقى من كان في الدنيا أعمى وانقاد خلف غايات ترضي النفس والهوى وكانت الدنيا مبلغ همه ومنتهى علمه، ويندم كثيرا عندما تنكشف له الحقائق ويدرك أن حقيقة الدنيا التي تعلق بها وركن واطمئن إليها سراب ووهم، وقد عبر الحق سبحانه عن حالهم بقوله عز وجل: "ويوم يعض الظالم على يديه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا"..

من هنا وجب أن يذكر بعضنا البعض إعمالا بقوله تعالى: "فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين"، وقول سبحانه: "فذكر إن نفعت الذكرى"، ولنتذكر دائما أننا في دار ابتلاء واختبار وأنها كما ذكرنا إلى فناء، يقول تعالى: "كل من عليها فان"، ويقول تبارك في علاه: "كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون"، اجعل الله غايتك وأملك وطلبك حتى تحظى بالسعادة في الدارين.

ومن كان طالبا بصدق لله تعالى ودلل على ذلك بطاعته واستقامته سيره الله مطلوبا، ومن صدق في كونه محبا لله تعالى ودلل على ذلك بإقامة الفرائض التي فرضها سبحانه واشتغاله بأعمال النوافل سيره الله محبوبا لقوله عز وجل في الحديث القدسي: "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه، وما زال يتقرب إلى عبدي بالنوافل حتى أحبه فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه".

وفي الختام بصرني الله وإياكم بحقيقة الحقائق وهي أن ليس لنا سواه جل علاه وإنه عزوجل، هو غاية الغايات عند العقلاء والمحبين، ولنقل كما قال أحدهم: "قل الله وذر الوجود وما حوى، فما الكون إن حققته إلا عدم واضمحلال".
Advertisements
الجريدة الرسمية