رئيس التحرير
عصام كامل

تقرير صندوق النقد الدولي وبرنامج الإصلاح الاقتصادي


في تقرير مهم أصدره صندوق النقد الدولي في يوليو ٢٠١٨ مكون من ٨٠ ورقة عن نتائج برنامج الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري، فقد بدأ التقرير ببعض المؤشرات الإيجابية التي عبرت عن التحسن خلال عام 2018، مع تضييق العجز الخارجي والمالي، والتضخم والبطالة، وتسارع النمو.


مع توقعات النمو على المدى القريب، مدعومة بانتعاش السياحة وارتفاع إنتاج الغاز الطبيعي، في حين من المتوقع أن يظل عجز الحساب الجاري أقل من 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وأن تنخفض نسبة الدين العام بشكل ملحوظ بحلول عام 2023.

أسهمت برامج السياسة النقدية في عام 2017 على تثبيت توقعات التضخم، بعد انخفاض قيمة العملة والارتفاع في أسعار الوقود في عام ٢٠١٦.

رغم أن أهداف البرنامج واضحة لكن لم تستطع الحكومة المصرية والأحزاب السياسية والائتلافات البرلمانية تسويق ملامح نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي نحو المجتمع، خاصة الطبقات الأكثر تأثرا، لخلق تأييد شعبي للسياسات يلزم وجوده للوصول للنجاح المرجو حسب تجارب الإصلاح لدول مرت بالظروف نفسها..

فأصبح الشعب يرى في الإصلاح مساوئ رفع الدفع وتحرير سعر الصرف دون اقتناع بالأهداف طويلة الأجل.. أما عن أهداف البرنامج فهي تحسين رفاهية جميع المصريين من خلال خلق بيئة داعمة لتنمية القطاع الخاص والنمو الشامل وخلق فرص العمل.

- في السنة الأولى ركز البرنامج على استعادة استقرار الاقتصاد الكلي وحل الاختلالات الداخلية والخارجية الشديدة، كما بدأت عملية تحديث أطر السياسات المالية والنقدية، وتعزيز قطاع الطاقة، وتحسين مناخ الأعمال مع الاستمرار في تنفيذ سياسات سليمة لترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي من خلال تنفيذ سياسات الإصلاح التي تتحمل وتدفع حيزًا ماليًا إضافيًا للاستثمار في البنية التحتية ورأس المال البشري.

وسيتم لاحقا وضع جدول أعمال الإصلاح الهيكلي بين صندوق النقد والحكومة المصرية لرفع الإنتاجية والنمو، وتحسين دمج الاقتصاد المصري في منظومة التجارة العالمية لخلق اقتصاد ديناميكي خلال سنوات حسب تعبير التقرير ليواكب التطور في آليات الاقتصاد العالمي.

أشار التقرير إلى تجاوب الجهات الحكومية وإصرارها على رفع كفاءة الاقتصاد طبقا للمعايير العالمية لرفع تصنيفها وترتيبها بين اقتصاديات الدول على عدة أصعدة واستعدادها للتعاون مع جهات فاعلة داخليا وخارجيا لرفع التصنيفات.. أشار التقرير إلى تفاؤل لتحقيق تطورات في هذا الصدد.

رغم كل ذلك فإن التقرير أشار إلى حزمة من الإصلاحات الإدارية تتكامل مع برنامج الإصلاح الاقتصادي، وهي خطوات ضرورية تم الاتفاق عليها مع الحكومة المصرية، وذكر التقرير بحسب النص:

"أنه من أجل الوصول لاقتصاد فعال فإن تعزيز المنافسة ومعالجة الفساد أمر أساسي لتحقيق كفاءة اقتصادية أكبر وتنمية قطاع خاص نابض بالحياة، لدعم التنافسية تعمل الحكومة على تعزيز الاستقلالية المؤسسية والمالية والتشغيلية لهيئة المنافسة المصرية (ECA)، وتعزيز المساءلة والشفافية وأنه تم الاتفاق مع الحكومة المصرية على تقديم مشروع القانون الذي يحقق هذه الأهداف إلى البرلمان بحلول 30 أكتوبر 2018 لتعزيز الشفافية والمساءلة في عمليات الحكومة والحد من تصورات الفساد، وستبدأ الحكومة أيضًا عملية حوار فعال مع أصحاب المصلحة لتطوير قانون الحق في المعلومات ولوائحه التنفيذية".

كما شرح التقرير بالتفصيل خطوات وإجراءات رقابية لتحقيق التنافسية، ثم أشار إلى تراجع تصنيف مصر الدولي في الشفافية المالية بعد ٢٠١٠، وظهر بالتقرير الاتفاق على تأسيس وحدة للشفافية والمشاركة العامة في وزارة المالية بحلول ديسمبر 2018 (مؤشر مرجعي هيكلي).

وفي نطاق دعم القطاع الخاص الذي يراه التقرير هو القطاع الحيوي لامتصاص نسب البطالة، فإن سياسات الدولة لجذب الاستثمار الخاص في المؤسسات العامة هو جزء من خطة الحكومة للحد من دور الدولة في الاقتصاد، وإطلاق العنان لإمكانات القطاع الخاص بهدف إعادة توزيع الأصول العامة إلى أقصى حد لها..

أيضا الاستخدام الإنتاجي عن طريق توسيع قاعدة الملكية وتعزيز الشفافية وحوكمة الشركات، وتحسين الإدارة المالية، وتنويع مصادر الاستثمار، وجذب الاستثمارات الجديدة التي يمكن أن تعزز القيمة السوقية.

وفِي نطاق إدارة أصول الدولة أنشأ صندوق النقد بالتعاون مع الحكومة لجنة مشتركة بين الوزارات للاكتتاب العام من خلال مرسوم صادر عن رئيس الوزراء في نهاية أكتوبر 2017، وافقت اللجنة وأعلنت عن خطة مفصلة في أبريل 2018، بالتشاور مع العديد من أصحاب المصلحة داخل الحكومة..

وكذلك مع البنوك الاستثمارية، لتصفية حصص في ما لا يقل عن 23 شركة مملوكة للدولة أكثر من 24-30 شهرا، منها 4 مملوكة للدولة بحلول 15 يونيو 2019 (مؤشر هيكلي).. هذه الشركات مثلت عبئا على الاقتصاد الوطني، ومن المتوقع أن تحقق عملية سحب الاستثمارات المخطط لها نحو 80 مليار جنيه، وبذلك يصل إجمالي القيمة السوقية لهذه الشركات إلى 430 مليار جنيه.

أيضا أشار التقرير عند تحليل المخاطر إلى أثر الإرهاب على انكماش قطاع السياحة كتحدي يلزم مواجهته لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو المستهدف.. أيضا وضع التقرير خطة لتطوير شبكة النقل والموانئ كما أوصى باستكمال رفع الدعم عن الطاقة.

بعض مقتطفات من المؤشرات الإيجابية والتحديات التي نشرها التقرير نحو اقتصاد أكثر استقرارا على مدى الأعوام القادمة، لكن تتطلب تنفيذ الإجراءات الرقابية التكميلية لخطة الإصلاح حتى نصل للنتائج المخطط لها سابقا وجني ثمار الإجراءات الإصلاحية، وما زال طريق الإصلاح طويلا، لكن الفترة المقبلة لن تزيد خطة الإصلاح معاناة المواطن بقدر ما تمثل جهد الحكومة في التكيف واستيعاب برنامج الإصلاح الهيكلي.
الجريدة الرسمية