رئيس التحرير
عصام كامل

الملفات الصفرية!


ندرك جميعًا بالتأكيد أن الوزارة الجديدة ينتظرها العديد من التحديات الصعبة الداخلية والخارجية، التي تتطلب نوعية خاصة من السادة الوزراء الذين يتمتعون بالخيال الواسع والكفاءة المطلقة.


ويأتى بالطبع على رأس هذه التحديات (الملفات الصفرية) التي فشلت الحكومة السابقة في تحقيق أي إنجاز أو تقدم ملموس فيها على الأرض، وهى ملفات(التعليم، والمحليات، والمرور، والسياحة)، ونرجو من السيد المهندس مصطفى مدبولى رئيس الوزراء الجديد أن يكون على رأس أولويات حكومته التعامل العلمى الجاد المبنى على إستراتيجيات ورؤى سليمة، وبخطط طويلة المدى ذات جدول زمنى متدرج ومدروس بعناية، مع هذه الملفات الحيوية التي تحتاج إلى جهد مبدع ودؤوب..

كما نرجو أيضًا من الحكومة الجديدة بالتعاون مع مجلس المحافظين اتخاذ بعض الإجراءات السريعة والحاسمة، التي تكفل لنا القضاء في أقرب وقت ممكن على الفوضى العارمة، التي يعج بها كل شبر في الشارع المصرى في جميع المحافظات، وخاصة فوضى الإشغالات، وفوضى البناء العشوائى المخالف القبيح الذي شوه صورة البلاد، وغيرها من مظاهر الفوضى التي نعانى منها جميعًا، وما زالت تتفاقم للأسف يومًا بعد يوم، دون أي رادع من جهات الاختصاص.

إن السعى لإيجاد واقع جديد على الأرض يقضى على مظاهر الفوضى والتسيب والإهمال في الشارع، ويستبدله بواقع جديد مبنى على النظافة والنظام والانضباط واحترام حقوق الغير، لهو مطلب رئيسى لكل مواطن غيور على بلده، ويريد أن يراه في أبهى وأجمل صورة، وهو ما نرجو جميعًا أن يكون على قمة هرم أولويات الحكومة الجديدة.. ولا أرى أي مانع على الإطلاق في التأسى والاسترشاد الحقيقى بتجارب الدول المتقدمة شديدة النجاح في هذا الشأن، والتي تمتلك منظومات فائقة التطور فيما فشلنا فيه من ملفات على مدى عقود طويلة، مثل "ألمانيا" على سبيل المثال..

ولأن الشىء بالشىء يذكر، فقد كنت في زيارة عمل منذ فترة قصيرة بمدينة "هامبورج" الألمانية، وهى مدينة ساحلية ساحرة تشبه مدينة الإسكندرية الجميلة عندنا، ولكن مع الفارق الرهيب بالطبع في كل ما يخص النظافة والنظام والانضباط.. فبينما تعج عروس البحر المتوسط بجميع أنواع المخالفات التي نعرفها جميعًا، لأنها منكوبة دائمًا بمحلياتها الفاشلة، ومنظومتها الإدارية المهترئة، لا يمكن أن تقع عيناك أبدًا على أي نوع من أنواع المخالفات أو مظاهر عدم الانضباط أو التسيب في أي سنتيمتر من مدينة "هامبورج"..

لأن نظامها الإدارى والرقابى (مثل جميع المدن الألمانية) متماسك وفعال، بصورة تستحق كل تقدير واحترام، والعقوبات على أي مخالفة سريعة كلمح البصر ورادعة وعادلة، فلا تترك أي فرصة لتفاقم أي ظاهرة سلبية، لأنها تأدها في مهدها، ناهيك عن حالة الشوارع التي تشبه الحرير دون أدنى مبالغة، لأن جميع عمليات الرصف تتم بمنتهى الإتقان والضمير، ولا مجال فيها لأى نوع من أنواع التلاعب التي تحدث عندنا.

أرجو من الله جل وعلا أن يعمل جميع المسئولين في بلادى على النهوض الحقيقى بها، ما يجعلنا نشعر بالفارق بين ما نأمل أن نراه عليها وبين واقعها الأليم الحالى.
الجريدة الرسمية