رئيس التحرير
عصام كامل

براءة عماد أديب


تصالح النظام المصري مع إسرائيل منذ معاهدة السلام في نهاية سبعينيات القرن الماضي ولم يتصالح الشعب طوال هذا التاريخ.. المسئولون يذهبون ويجيئون خفية بين العاصمتين وكأن في زياراتهم عارا يرغبون في إخفائه على الشعب، ولكن لماذا لم يتصالح الشعب مع كيان أصبح في العرف الرسمي دولة جارة؟.. الإجابة باختصار أن الشعوب ليست مجبرة على الحب أو التصالح أو المسالمة إذ إن كل بيت مصري يحظى بتاريخ مع الاستشهاد دفاعا عن فلسطين.


ودعوة عماد أديب للتصالح مع الإخوان مجرد رأي نقف ضده دون أن نتهمه بالخيانة والعمالة ووصفه بأنه واحد من الطابور الخامس.. مجرد طرح كان من الممكن أن يحظى بنقاش موضوعي بعيدا عن اللغة الزاعقة والتخوين وبث الكراهية ضد مجرد رأي لم يخرج من مسئول، ولم يصدر عن واحد محسوب على النظام ولا نشك لحظة في أن طرحه قد ينطلق من قناعات شخصية يراها عماد بأنها وطنية.

الذي حدث أن عماد في طرحه تجاهل أن الشعب المصري رفض فكرة الفاشية بعد أن تكشفت أمامه الأمور على حقيقتها خلال عام واحد من حكم الإخوان، وتجاهل أن الشعوب لا تتخذ قراراتها إلا وفق رؤية جماعية شعبية لا يمكن لرأى حكومي أو رسمى أن يهزمه، فخطر الإخوان مثل خطر الكيان الصهيوني.. كلاهما يعمل على وأد الدولة الوطنية والسيطرة عليها وخلق نموذج مشوه لفكرة الوطن.

الإخوان فكرة شيطانية تسعى لتحقيق أهداف لا تقل خطورة عن أهداف الصهيونية العالمية المنطلقة من أحكام السيطرة على مقدرات الأمة العربية كلها، وليس مصر وحدها، وقد رأيناهم خلال أقل من شهرين يوقعون للكيان المحتل على بياض ويخاطبونه باعتباره الصديق ويتعهدون بحمايته وصون أراضيه التي ليست إلا فلسطين المحتلة، التي كانوا قديما يتنادون لها بشعار "شهدا بالملايين على غزة رايحين"، ثم آل رواحهم إلى حصار المحاكم والإعلام والناس والمؤسسات الوطنية واحتلال ميداني رابعة والنهضة!!

فكرة التصالح خطيرة، غير أن هذا لا يعنى أن نتهم من قال بها بأنه طابور خامس وعميل وخائن. لقد آن الأوان إلى أعمال الحوار الراقي بين كافة أطياف المجتمع بدلا من لغة الكراهية والاتهام غير المبرر لمن يخالفوننا الرأي.
الجريدة الرسمية