رئيس التحرير
عصام كامل

مصر ليست وطنهم


أظن أن الجميع أصبح يعرف أن جماعة الإخوان من الممكن أن تدمر مصر الوطن، دون أن يرمش لها جفن، وأنها تسعى لذلك بكل ما تملك من قوة، فهي لا تؤمن أصلا بمفهوم الوطن الذي نؤمن به، وطنها غير وطننا بلا شك في ذلك، وحين أنشأ البنا جماعته لم يكن هدفه الإصلاح الاجتماعي أو السياسي للبلاد أو محاربة الإنجليز، وإرغامهم على الجلاء، ولكنه أنشأ الجماعة كما يقول لاستعادة الخلافة مرة أخرى..


تلك الخلافة التي كانت بمثابة المُخدر لأجيال عديدة توهمت أنها من أعلى فرائض الإسلام، وهي لا علاقة لها بالفرائض أبدًا، غاية الأمر أنها كانت نظام حكم ارتضاه الأولون لأنفسهم، ومن عجب أن يقبل مصريون أن تتسيد عليهم دولة أخرى وتسوسهم وترسم مستقبلهم وتستولي على ثرواتهم، وهم من بعد كل ذلك يفتخرون بالمُحتل الذي يسلبهم أقواتهم، لمجرد أنه يسمي نفسه الخليفة، ودولته تسمي نفسها دولة الخلافة!

ولذلك كانت الخلافة بالنسبة لحسن البنا ولجماعته "رمز القومية الإسلامية" وبناءً على ذلك يرفض البنا فكرة الوطنية التي تقوم على حدودٍ للوطن، فيقول في رسالة من رسائله: "الإخوان المسلمون لا يؤمنون بالقومية، ولا بأشباهها، ولا يقولون فرعونية وعربية وسورية" من أجل تلك الأفكار أصبح الوطن عند البنا مجرد مرحلة أولية كل قيمتها هي أنها تقودنا للوطن الأوسع ألا وهو "وطن الإسلام"..

وقد أجمل البنا فكرته للوطن بأنه يبدأ من القطر المصري الذي هو مجرد سلم ليس إلا، وهذا السلم يقود للدولة الإسلامية التي تضم بين جوانحها كل الأوطان المسلمة، وهذا هو الوطن الحقيقي وطن الإسلام، ومن هنا نعرف أنه إذا تعارضت مصلحة الوطن الأصغر "مصر" مع المصلحة المرجوة وهي "وطن الإسلام" فإن الإخوان في هذه الحالة يضحون بالوطن الأصغر من أجل تحقيق الوطن الأكبر.

هذا هو مفهوم الوطن ودرجاته عند البنا، وطنهم هو وطنٌ ديني يشبه الوطن الديني لليهود، يرتبط به المسلمون على مستوى العالم بغض النظر عن أعراقهم وأوطانهم الحقيقية، هل تعرفون الآن لماذا هانت مصر على الإخوان؟ لأنها ليست وطنهم.
الجريدة الرسمية