رئيس التحرير
عصام كامل

فضائل المدينة المنورة (1)


عزيري القارئ أكتب إليك مقالي هذا وأنا في أحب بقاع الأرض إلى الله تعالى، أكتب إليك من المدينة المنورة على ساكنها وآله أفضل الصلاة وأتم السلام، ويطيب لي أن أتحدث عن فضائل المدينة المنورة وما خصها الله تعالى ورسوله به من الفضل والتكريم والمنزلة والمكانة، وأتوجه بالشكر أولا للأستاذ الدكتور خليل إبراهيم الذي انتفعت بكتابه المبارك، مختصر فضائل المدينة المنورة، ولنبدأ حديثنا عن فضايل المدينة المنورة، لقد جعل الله تعالى لكل نبي حرمًا يأوي إليه وخصه بما يتناسب ومكانة ذلك النبي عنده سبحانه، وقد جعل الله سبحانه لنبيه وحبيبه وصفيه صلى الله عليه وسلم المدينة حرمًا وجعله حرمًا آمنًا، جعلها مدخل صدق وجعل فيها من البركات أضعاف ما جعل في مكة المكرمة، وهي سيدة البلدان ودار الهجرة والإيمان ومأزره..


يئس الشيطان أن يعبد فيها، حريها الله عز وجل بالملائكة الكرام وحفظها من الزلارل والطاعون والدجال ولا يدخلها رعبة، تنفي عن نفسها الخبث كما تنفي النار خبث الحديد وتنفي شرارها في كل وقت ولها من الطيب من الرائحة ما ليس في غيرها، هي مدينة رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هجرته إليها وأخبر من قبل الأمين جبريل عليه السلام ليلة الإسراء أنها أرض المهجر والمسكن والمضجع وهي العاصمة القاصمة، مدينة فتحت قلبها وذراعيها لاستقباله عليه الصلاة والسلام، مدينة حببها الله تعالى إلى المؤمنين كحبهم مكة بل أشد، مدينة خصها الرسول الكريم بالدعاء لها ولصاعها ومدها وثمرها ورغب في الجوار فيها وحث على الموت فيها..

وهو صلى الله عليه وسلم الشاهد والشافع لمن صبر على حرها وبردها ولمن مات فيها، من مات فيها بعث يوم القيامة من الآمنين، وهي مدينة أضاءت يوم أن دخلها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم فسبحت حصواؤها واشتاقت إليه منابرها واهتزت تحت قدمه الشريفة جبالها فرحا وطربا، ونبعت من بين أصابعه مياها ونما وتكاثر بين يديه الشريفة طعامها وأشبع العدد الكثير بالقليل من لبنها وحنت وبكت بين يديه جمالها وشهدت له بالرسالة ذئابها وسبح بين يديه طعامها، وأضاءت لأصحابه رضي الله عنهم العصا في الليلة الظلماء حتى مشوا على ضوئها، وعاد جبريل مريضها..

مدينة تعطر جوها وهواها بنفسه الطاهر عليه الصلاة والسلام واختلط أثيرها بنبرات صوته الشجي ولثمت أرضها جبهته الشريفة في سجوده وباطن كفيه في صلاته وجنبه الطاهر في نومه وباطن قدميه في مشيه، وسعدت جدرانها وحيطانها بالنظر إلى وجهه الكريم وجبالها بصعوده عليها وبساتينها بالدخول إليها وأرضها بالجلوس عليها وشوارعها بمروره فيها وحاراتها بتفقد أحوالها، مدينة أحب رسول الله أهلها فأحبوه فجعل الحياة حياتهم والممات مماتهم، من أخاف أهلها أخافه الله ومن آذاهم أو أرادهم بسوء أذابه الله في النار..

مدينة سمى الله أهلها بالأنصار وجعل آية الإيمان حبهم وآية النفاق بغضهم، من أحبهم أحبه الله ورسوله ومن أبغضهم أبغضه الله ورسوله، هم موالو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أحب الخلق إلى رسول الله ولولا الهجرة لتمنى صلى الله عليه وسلم أن يكون منهم كما قال، ولو سلك الناس واديًا أو شعبًا لسلك عليه الصلاة والسلام واديهم أو شعبهم، هم موضع سره وأمانته وبطانته وخاصته وهم أهل إيثار وخيرية وأمانة وعفة وحنو وصبر، دعا لهم صلى الله عليه وسلم ولذرياتهم ومواليهم وأوصى بهم خيرًا..

والمدينة المنورة شرفت بوحي السماء فيها نزلت آيات الجهاد وبيان الحلال والحرام وخالص الدين وصفاء الإيمان وفيها علم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم دين الله عز وجل، هي مدينة جعل الله تعالى لها من الأسماء ما لم يجعله لغيرها فأضافها إليه تعالى وأضافها إلى رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فهي طيبة وطابة والبحرة والبحيرة وهي الدرع الحصينة وقبة الإسلام ودار السنة والإيمان ودار السلامة ودار الهجرة، مدينة استقبل أهلها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالدفوف والإنشاد والذكر وسجل لهم التاريخ قولهم..

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع، وجب الشكر علينا ما دعا لله داع، أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع، جئت شررقت المدينة مرحبًا يا خير داع.. هذا والحديث عن فضائل المدينة المنورة لا ينتهي، وسوف نستكمل حديثنا عن طيبة الطيبة المباركة المحببة إلى قلوب المؤمنين وأحب بقاع الأرض إلى الله تعالى في المقالات التالية، ولكم خالص الدعوات في روضة الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم..
الجريدة الرسمية