رئيس التحرير
عصام كامل

تيار عم يا جنايني إديني وردة الشعبوي التعسفي!


وحار مُحللو السياسة حول العالم بعدما تركوا قضية فلسطين، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والإرهاب، والمشكلات الاقتصادية، و(أمبر هيرد) القمر البسكوتة اللي المُفتري المُتخلِّف (چوني ديب) بيضربها إياكش ينضرب في قلبه، وانكبوا على وجوههم في اجتماعات مُغلقة مكتومة بدُخان السيجار الكوبي والحشيش الأفغاني على حدٍ سواء من أجل الوصول لحقيقة الأمر، وهل المطلوب من عم الجنايني وردة تتشَم، أم (وردة) تتسمع مثلًا وهي بتجرَّب نار الغيرة!


وتنحرر أحد المُحامين المُهتمين بالسياسة والحقوقية كونه خريج كُلية حقوق، وكون السياسة التي كانت فن المُمكن أصبحت مش فَن بعد ما انتشرت الأشكال الميمونة عقب الثورة المكلومة، ولكنها -السياسة- باتت "عَنَ عَنَ" على طريقة المرحوم (محمود عبد العزيز) في دور الشيخ (حُسني) وهو سايق الفيسبة في فيلم (الكيت كات)!

المُهم إنه تنحرر وأخد الطريق ركضًا -جَري يعني مش بالفيسبة ولله الحمد- من على السلالم لحد المحكمة وقام برفع قضية أمام القضاء الإداري مُتهمًا بعض المُحللين -اللي مش بيدفعوا الأوبيج- إنهم بيخلطوا المواضيع عمدًا لتضليل الشعب، مؤكدًا في عريضة كتبها بصباعه إياه أنه طالما فيه جنايني يبقى المقصود وردة بتتشم مش بتتسمع، وكأن سماع المطربة (وردة) حكر على كُل فئات المجتمع إلا الجناينية، بينما فسَّر آخرون -من المُراقبين والسهرانين من أول العاشرة مساءً للصاحيين في صباح دريم- أن في الأمر تحيُّز صريح لصالح (نجاة الصغيرة)، وتساءل أحدهم بغضب وهو يُهدد بالانسحاب من على الهواء "اشمعنى لما قالت حتى الجناينية محدش رفع قضايا يعني؟! إنتم عايزين تاخدوا الجناينية في صفُّكم ليه؟! دول قوة تصويتية لا يُستهان بها!".

المُهم أن الكُل انشغل بفقاعة الجناينية ونسى التيار الجديد الذي قرر أصحابه إخراجه للحياة زي الخُرَّاج لزوم الوجاهة السياسية والاجتماعية، وكمان أرجوك لا تنسى الحِراك السياسي على وزن الخُرَّاج، وقال مؤسسه إنه اختار له اسم التيار الشعبوي التعسُفي المُتحرر الحُر الناعم زي الحرير-بما أننا في عام المرأة بقى- ولما قالوا له إن كلمة التعسُفي دي كلمة مش كويسة، أجاب بأنها كلمة صعبة لا يعرفها الشعب، والناس بتحب الكلام المجعلص، هُما يعني كانوا قبل كده دققوا في الحركة الطلابية الثابتة على رولمان بلي، أو الجمعية الاشتراكية الجبهوية لمُناهضة المهلبية بعد طبق كشري من عند (سيد حنفي)، المُهم يكون كلام صعب محدش يفهمه وميعرفش يقراه على يافطة المَقر، فهذا دليل عُمق وثقافة كفيل عند ترجمته للإنجليزية -لو لقينا مُترجم دكر يقدر يفهم الكلام بالعربي أصلًا علشان يترجمه- بصنع حالة زخم وسيولة جيدة في الرصيدين المعنوي والمادي!

وتضاعفت الانشغالات والإشغالات عندما توقَّفت حركة الشارع تمامًا تحت المقر، وتم نقل السيارات من الباركنج تحت العقار إلى نهر الطريق على سبيل الاحتياط عندما بُذلت جهود ضخمة وعملاقة لخلع اليافطة القديمة وانتزاعها شَر انتزاع مع عدم الحفاظ على الكرامة، وتعليق اليافطة الجديدة الحاملة لاسم "التيار الشعبوي التعسُفي المُتحرر الحُر الناعم زي الحرير"، وقال المؤسس وهو جالس على القهوة مع كُل مؤيديه المُلتفين حوله والهاتفين باسمه حوالين سبعة شاي وحلبة حصا إنه حتى لو اكتشف أحد المواطنين أن كلمة التعسُفي دي كلمة مش ولابُد وتتعارض مع الديمقراطية فإنه يمتلك المُبرر الذي سيجعله يظهر في عشرات الحلقات ليوضِّح ويشرح -هاه- المغزى العميق المقصود بالتعسُفي بعد الشعبوي على طول -هاه- وهو أن هذه دعوة صريحة للشعب ليكون مُتعسفًا في التفريط في حقوقه -هاه-!

ومن الواضح أن الأخ صاحب التيار بعد التيار هذا كان عايز يطلع طيار لكنه فشل في الكشف الطبي تقريبًا والعياذ بالله لأسباب مش عاوزين نعرفها، فقرر يمشي في التيار وسككه وأهي مش هتفرق كتير خصوصًا أن المُعارضة في بلدنا ماشية برضو في تيار ثابت على طريقة شالوا (ألدو) جابوا (حمـ..) عفوًا (شاهين).. و(أحمد) زي الحاج (أحمد)، المُهم اليافطة تتغيَّر، والشاي والحلبة يتشربوا، والتليفزيون يصوَّر، وعلى طريقة المُشجعين في برنامج (مدحت شلبي) -زمان أيام ما كانت الملاعب فيها جماهير- "صوَّر ذيع أحسن جمهور أحسن تشجيع"، بس مع فارق جوهري شعبوي تعسُفي آخر وهو "أن التيار وأصحابه متعودين يلعبوا ماتشاتهم من غير جماهير طول عُمرهم، اللهم إلا الستة اللي بيشربوا الشاي والحلبة مع سيادة المؤسس وهو بيعلَّق اليافطة وبيفكَّر في اسم تاني للتيار اللي بعده!".
الجريدة الرسمية