رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«مكاوي سعيد» في حديث ما قبل الرحيل: أحترم القارئ وأمنحه المتعة.. عانيت من التهميش 20 عاما.. الناس أصحاب الفضل والمقهى مكاني المفضل..قصور الثقافة تحولت لحظيرة أرانب.. ورفضت الكتابة عن الصعيد

 الكاتب الكبير مكاوي
الكاتب الكبير مكاوي سعيد

توفى صباح اليوم، الكاتب الكبير مكاوي سعيد، عن عمر ناهز 61 عاما، رحل في هدوء كما كان دائما يجلس هادئا على مقهى «زهرة البستان»، الناس هم قراؤه وأبطال رواياته، وسط البلد مسرح أحداثها، يعرف المكان بكل تفاصيله، الناس والمكان أيضا يعرفاه جيدا.


تغريدة البجعة
صاحب "تغريدة البجعة"، و"مقتنيات وسط البلد"، و"أن تحبك جيهان"، ارتبط ارتباطا وثيقا بمنطقة وسط البلد، أحب الكتابة عن المدينة، ولم يتناول مرة الصعيد رغم أصوله الجنوبية، فيقول :"كتابتي عن وسط البلد ليست انحصارا لأن كل شخص يكتب عن المنطقة التي يعرفها، فأنا من الجنوب وأصولي صعيدية، لكن لا أستطيع الكتابة عن الصعيد، لأني لم أزره سوي كسائح، كما لا أستطيع الكتابة عن الريف أو الإسكندرية لأني لم أزرهما سوي كسائح، فطبيعي أن يكون أبطالي موجودين في المنطقة التي عشت فيها وأعلمها جيدا، لكي لا أخطئ في المكان، أما رواية "أن تحبك جيهان" أبطالها من مناطق متفرقة، لكن جميعهم من المدينة، فأنا كاتب مديني ومن المدينة وأحب أن أكتب عنها".

متعة القارىء
"مكاوي" كان يحترم القارئ، ولم يكن مضطرا أن يستعجل ويخرج عمل دون أن ينضج، فهو حريص على متعة القارئ مهما كلفه ذلك من وقت وجهد، كان يراجع ما يكتبه في أوقات مختلفة "شتاء- صيفا".

أبدى "سعيد" اعتراضه على الأعمال المتلاحقة لروائيين كبار، باعتبار أن ذلك يخصم من رصيدهم، فالكيف عنده كان أهم بكثير من الكم.

ويقول "سعيد": يجب على الروائي أن يرسم شخصيات روايته جيدا، ودارس حدودها وأبعادها، ويحاول إقناع القارئ أنها شخصيات حقيقية، وأهم ما يميز الكاتب أن يضفي الواقعية على شخصيات عمله، بحيث يستشعر القارئ أنها من لحم ودم، ومن المعروف أن الرواية كلها خلق وخيال، فتجد أن الرواية الواحدة تضم 4 أو 5 شخصيات حقيقية، تأخذ أفضلهم أو أسوأهم، وتصنع مزيجك الخاص وتضعهم في شخصية واحدة، لكن لا يوجد كتابة عن شخصية بعينها، وإلا تحولت لكتابة تسجيلية".

طريقة الكتابة
الأفكار كانت تزاحم "مكاوي سعيد" يوميا، لكنه لم يشرع في الكتابة إلا عندما تنمو واحدة لديه، وهنا يبدأ الكتابة، وأحيانا كان يقطع شوطا في عمل ما، ثم يتراجع لأن فكرة أخرى نضجت، فهو غالبا لا يبحث عن الأموال، فيقول: "ليست المشكلة في تقاضي الأموال، لأن أغلب من يكتبون يتقاضون أموالا، لكن السؤال هل ما قدموه من أعمال زاد من قيمتهم أم لا، فكل عمل هو رهان للكاتب، وعليه ألا يستعجل وينتج عملا غير ناضج، ويبذل مجهودا والتوفيق من عند الله".

تحدث "مكاوي" عن طريقته في الكتابة، فيقول "في رواياتي أظل أعمل أبحاثا لشخصياتها ومنهم تستمر بالأشهر، وأضع كل شخصية في ملف، خاصة لو أن الشخصية مريضة أو ذات مهنة خاصة".

حكاوي المقاهي
حرص "مكاوي" على التواجد كثيرا بين الناس على المقاهي: "نكتب عن المهمشين والبسطاء، ومن الطبيعي أن أتواجد بينهم على المقاهي وفي الشوارع، وأنا شخصيا لا أفضل الكتابة في المكاتب المكيفة، أو في الفنادق لأنها كتابة مصنوعة، فلا يمكن التعبير عن أناس صنعت بيني وبينهم حاجزا، ويجب أن يكون الكاتب قريبا من الناس، لأن في كل يوم يحدث جديد، وهم مادة الكتابة، يجب أن نحافظ عليهم، لكن الانعزال عنهم يجعلهم أيضا ينعزلون عنا، فالكتابة ليست الشهرة والفلوس والجلوس في الأماكن الغالية، وإنما الاحتكاك اليومي بالناس، فهم أصحاب الفضل في الشهرة والفلوس، وهم أبطال الروايات وقراؤها أيضا".

الشهرة والنقد
تطرق "مكاوي" أيضا عن الشهرة، فقال :"الشهرة طموح العالم كله، وهذا حق طبيعي للبشر، لكن ما يغفلوا عنه أنهم لابد أن يبذلوا مجهودا كبيرا، لأن الشهرة السريعة مثل البرق تنسحب بسهولة، فالشهرة التي تبني بتأني هي الباقية والأكثر ثباتا، وأنا أكثر من عاني من التهميش، فقد ظللت أكتب لمدة 20 سنة في الوسط الأدبي ولم يعرفني أحد، لكن الآن حصلت على الشهرة والمال، ونصيحة لكل كاتب أن يبذل جهدا ويتقن عمله بإخلاص، وإن أخطأ يصحح في الأعمال التالية دون مكابرة، ولا يتخذون موقف الضد ممن ينتقدون، بل يجب أن يستفيد من النقد، فالقارئ من حقه أن يقول رأيه ويؤخذ به".

اللغة
"اللغة" عند صاحب "مقتنيات وسط البلد"، كائن حي متجدد ومتطور دائما، مع الوضع في الاعتبار الاستعانة بأدوات اللغة العربية في كل عمل، وطالما اهتم الكاتب بالقارئ، يجب أن يصل بالمعلومة إليه مع وجود قيود محددة على اللغة.

قصور الثقافة
مكاوي سعيد يؤكد أن مؤسسات وزارة الثقافة اكتظت بالموظفين الذين يتقاضون رواتب دون عمل، كما أن الموظفين أصبحوا معاقين، وتحولت قصور الثقافة بعد أن كانت فاعلة إلى زوايا للصلاة، ومكان لتربية "الأرانب"، وتمكن الإهمال منها.

وأشار إلى أن وزارة الثقافة تحتاج إلى معجزة، ومن الأفضل أن نكون بدون وزارة، فالوزارة المنوط بها توصيل الثقافة للناس، تصدر موظفيها على أنهم كتاب، ويمثلون مصر في الخارج على أنهم كتاب ومثقفون.

Advertisements
الجريدة الرسمية