رئيس التحرير
عصام كامل

قصص وحكايات الأولياء


لأهل ولاية الله تعالى قصص وحكايات لطيفة تحمل بين طياتها معاني وكرامات ودلائل على محبة الله لهم وإنارته لبصائرهم ولهذه القصص والحكايات أثر طيب فى القلوب والأرواح ومن خلال هذا المقال سأذكر بعضا منها، حكاية عن العارف بالله ذي النون المصري رضي الله عنه في إحدى سياحاته في الله، قال، بينما كنت أسير بين جبال أنطاقية بتركيا رأيت امرأة شعثة الرأس وظاهرها الجنون فقرأتها السلام على استحياء وأنا مار من أمامها فقلت لها، السلام عليكي ياأمة الله، فردت وقالت، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ياذي النون يامصري، فتعجبت من معرفتها بي، فقلت لها أوتعرفينني، قالت، بلى ألست ذي النون المصري زاهد مصر، قلت، بلى، ولكن بما عرفتيني ولم ألتق معك من قبل..


قالت، فتق الحبيب عز وجل بيني وبين قلبك فعرفتك بسر اتصالك بالحبيب، ثم قالت أسألك مسألة، فقلت لها سلي عما بدا لكي، قالت، ما هو السخاء، قلت، البذل والعطاء، قالت ذاك في الدنيا فما السخاء في الدين، فقلت، المسارعة إلى طاعة المحبوب عز وجل ومرضاته، قالت، نعم، ولكن إذا ما سارعت إلى مرضاته عز وجل أتنتظر شيئا، قلت لها، بلى الحسنة بعشر كما وعد، قالت، يامصري، إن هذا عند المحبين قبيح فو الله إن لي عند ربي حاجة منذ عشرين سنة وإني لأستحي منه وأخاف أن أكون كأجيرة السوء إن عملت طالبت بالأجر ثم مشت وتركتني..

عزيزي القارئ خلاصة هذه الحكاية، أن الله تعالى جعل في قلوب أوليائه نورًا وأنه سبحانه نزه إقبالهم من خلال أعمال العبادات والطاعات وجعلها خالصة لوجهه تعالى الكريم غير متطلعين إلى أجر وثواب، وفي الحكاية أيضًا إشارة إلى أن أهل الله أهل علم وفهم رباني وبصيرة، حكاية أخرى عن العارف بالله الأمير الزاهد إبراهيم بن أدهم عن مدى شوقه لله عز وجل ومدى ما يعانيه من نيران الأشواق، قال: أضر بي شوقي إلى المحبوب عز وجل فمنعني الطعام والشراب والنوم وكنت بصحن الكعبة المشرفة فتوجهت إلى ربي بالدعاء شاكيا حالي وما أعانيه من ألم ومرارة نيران أشواقي إليه سبحانه وتعالى فقلت..

إلهي وسيدي ومولاي إن كنت قد أعطيت أحدا من أهل محبتك ما يسكن شوقه ويبرد قلبه فاعطني فقد أضر بي شوقي، ثم نمت فرأيت في منامي أن الله رفعني وأوقفني بين يديه وعاتبني قائلا سبحانه، أما تستحي مني يا بن أدهم أن تسألني أن أسكن لك شوقك وأبرد لك قلبك وأنت تعلم أن شوق المحب لا يسكن وقلبه لا يبرد إلا عند لقائه بمحبوبه وأني قد قدرت اللقاء في الآخرة وليس في الدنيا، فقلت، إلهي وسيدي ومولاي لا تؤاخذني عما قلت فقد أضر بي شوقي وعلمني ما أقول، فقال سبحانه، قل اللهم ارزقني الصبر على بلائك والشكر على نعمائك والرضا بقضائك..

عزيزي القارئ خلاصة هذه القصة، أن لله تعالى أهل محبة ومعلوم أن ما من محب إلا وهو مشوق إلى محبوبه ومعلوم أن للشوق نيرانا تشتعل في القلب وتحرق كل شيء يتعلق بالقلب وتؤلم صاحبها، ولكن في مقابل ذلك يقام العبد الصادق في محبته لربه تعالى ومولاه جل علاه في الآخرة على بساط أنس محبوبه ويتمتع بالنظر إلى وجهه الكريم، اللهم أنر لنا القلوب واجعلنا من أهل محبتك وقربك ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم، سبحانك تباركت في علاك.
الجريدة الرسمية