رئيس التحرير
عصام كامل

صناعة القرار الاقتصادي في مصر


لا أحد يعرف كيف يتم صناعة القرار الاقتصادي في مصر، فالقرار الاقتصادي مثله مثل القرار السياسي، يتم صناعته دون نقاش مجتمعي.. قرار تحرير سعر الصرف يهدف إلى تقليل الاستيراد، وزاد من تصدير السلع المصرية، لكن هل قرار زيادة سعر الفائدة يشجع المستثمر على أن يأتي لمصر، ولا أحد يعرف متى تنتهي مفاجآت القرارات الاقتصادية. 
القرار الأخير لرفع سعر الفائدة من شأنه أن "يسعد المودعين" ويشجعهم على الإيداع ولكنه يزيد من مخاوف المستثمرين، هكذا هو رأي أحد كبار الأعمال وهو رأي المواطن الذي يفهم أبجديات الاقتصاد. 
لماذا يأتي المستثمر لمصر وسعر الفائدة وصل إلى 18%؟ ولماذا يستثمر المواطن المصري ويقترض وسعر الفائدة زائدا بعد أن كان مترفعا أصلا؟


صحيح أن البعض قد يقول إن رفع سعر الفائدة جاء كجزء من حزمة إصلاحات اقتصادية، وأن تحرير سعر الصرف بدا يأتي فوائده من زيادة التصدير، لكن لماذا يخاطر أي مواطن بالاستثمار في أي مشروع بعد قرار زيادة سعر الفائدة. وإذا كان المستثمر سيقترض بفائدة 18%، فالمطلوب منه – إذًا - أن يحقق ربحا قدره 40% على الأقل، فما هو المشروع الذي يحقق ربحا 40 % ليتبقى للمستثمر 22% بعد تسديد فوائد القرض.

حسنًا سيرد صاحب القرار قائلًا إنه من الثابت اقتصاديًا أن رفع سعر الفائدة يحارب التضخم، فمع رفع سعر الفائدة سيضطر المقترض إلى تقليل الإنفاق على السلع الأخرى، وبالتالي يقل الطلب على السلع فيقل سعر السلع أو لا يزيد.
صانع القرار الاقتصادي يعرف أيضا أنه من الثابت اقتصاديا أن رفع سعر الفائدة يقلل من الإنتاج، لأن الصناعة ستتجه لتقليل الاستثمار.

وهل تنامي إلى مسامع محافظ البنك المركزي أن الطلب على السلع في ارتفاع مستمر وأن كلا من المنتج والمواطن في بحبوحة تدفع السوق إلى التضخم، والحقيقية أن المواطن غير قادر على شراء السلع من الأساس؟ هناك إجراءات اقتصادية كثيرة من شأنها تقليل التضخم، من بينها زيادة الرسوم الجمركية على الاستيراد باستثناء كل ما يدخل في دعم المنتج المحلي، وقتها قد يضطر المنتجون المصريون إلى الاعتماد على الخامات الموجودة في السوق المصرية.
الثابت اقتصاديا أن خفض سعر الفائدة يعزز النمو الاقتصادي، لأنه يشجع الاستثمار، وبخاصة في دولة تعاني من بيروقراطية تعرقل الاستثمار. المطلوب تشجيع الاقتراض حتى يتمكن المستثمرون من خلق فرص عمل للشباب.

من المؤسف غياب النقاش بين صانع القرار الاقتصادي والكيانات التي تتأثر بالقرارات الاقتصادية حتى يتم معرفة الجوانب الإيجابية والسلبية للقرار قبل اتخاذه. ولكنني وبصراحة لم أتفاجأ، فهكذا يتم صناعة القرار الاقتصادي والسياسي في مصر، عليك أن تقبل به دون نقاش حتى لا يتم اتهامك بأنك لا تحب مصر، أو يتم اعتبارك مواطنا غير صالح لأنك تنقد القرارات التي تتخذها الدولة، أو أنك تنشر بنقدك الاكتئاب والتشاؤم بين المصريين، حتى صرت أتفق مع اقتراح الإعلامي سيد على فيما كتبه في مقاله أمس في جريدة فيتو، أنه ربما آن الأوان لأن "يتم وضع توصيف للمواطن الصالح".
الجريدة الرسمية