رئيس التحرير
عصام كامل

بلااااها صيام


مثل غيري اجتمعت بمن لهم صلة القرابة بي، من أجل وضع خطة محكمة لمواجهة وحش الأسعار المنطلق بلا هوادة، وبعد مناقشات وشد وجذب قررنا المقاطعة.. وحتى تنجح المقاطعة كان لا بد أن نبحث عن بدائل للسلع التي قررنا أو سنقرر مقاطعتها.. سنغادر عالم اللحوم إلى عالم الدواجن، غير أن هذا القرار ثبت فشله بعد أن وصل كيلو الصدور إلى تسعين جنيهًا، فقلنا «بلاها صدور»، ولنذهب إلى عالم الأوراك.. إلا أن هذا العالم محاط بنفس ما يحيط بعالم الصدور، حيث يصل الكيلو إلى سبعين جنيهًا.. إذن بلاها «أوراك»!!


عالم «الهياكل» أصبح مزدحمًا ولا بد، إن أردت دخوله أن تكون صاحب واسطة، لأن الإقبال عليها زاد على الحد، وأصبحت عملة نادرة.. إذن بلاها هياكل، ولندلف إلى عالم الأسماك.. كيلو البوري وصل إلى سبعين جنيهًا، والبلطي الذي كنا نتسلى به أيام زمان وصل إلى أربعين جنيهًا، أما فضلات أوروبا من الأسماك فقد «عزت» واعتزت، ولم تعد فضلات، ووصل الكيلو منها إلى أربعين جنيهًا.. إذن بلاها فضلات.

من المفيد للإنسان أن يركز على البروتين النباتي، بعيدًا عن الفول الذي وصل «السندويتش» منه إلى جنيهين ونصف الجنيه، أي أن أسرة من أربعة أفراد يلزمها عشرة جنيهات بعيدًا عن المخللات والمقبلات التي أصبحت أضرارها أكبر من نفعها، بعد أن أصبحنا في حاجة إلى ما لا يثير شهيتنا للطعام.. دعك من الفول وفكر مليًا في طبق من المسقعة اللذيذة، ولكن قبل أن تفكر في ذلك لا بد وأن تصل إلى طريقة لتصميم طبق مسقعة بدون المجنونة والمسماة قديمًا طماطم.. ثم إن الباذنجان وصل إلى حدود ما بعد «القوطة» من شطط لم يصل إليه من قبل.. دعك من المسقعة وانتقل إلى البطاطس المحمرة.

كيلو الزيت المعفن وصل إلى أرقام لم يصل إليها الزيت الحقيقي، ولذا فمن المنطقي أن تفكر في بطاطس مهروسة.. صحيح كيلو البطاطس الآن وصل الشيء الفلاني، ولكن يمكنك المغامرة شريطة ألا تتورط في إضافة «الخضرة» التي أصبحت شحيحة مثل الترامادول الذي كان قبل قليل، شعبيا ثم أصبح من أولاد الذوات.. إياك والبهارات فقد اشتعلت أسعارها، وأصبحت «حراقة» أكثر من الشطة السوداني.

قبل أيام كنا نتسلى بطبق من التونة الذي أصبح الآن للتصوير فقط، وقبل أيام كنا نتعامل مع المحشي باعتباره صنفًا إضافيًا حتى وصل في عهد الباشمهندس شريف إسماعيل إلى واحد من صور البذخ، حيث تتكلف وجبة الأرز الملفوف في كرنبة أو ورق عنب أو فلفل ما يقارب المائة جنيه.. إذن بلاها محشى وبلاها تونة وبلاها بطاطس مهروسة وركز على ما يفيدك.

القرار النهائي أن تمارس الزهد بالصوم.. نعم الصيام فيه شفاء للناس ويقرب العبد إلى ربه، ويوفر له ما يزيح عنه ما لا يطيق، ويبعده عن سؤال اللئيم، ويجعله شفافًا وطيبًا وودودًا وصاحب كرامات.. قررنا الصوم وفي أيام الصوم لا يجب أن تجادل أو تتناول الغير بما لا يليق.. في نهار الصيام تطالعنا الأخبار: رئيس الوزراء يبحث إجراءات عاجلة لحماية المواطنين وضبط الأسواق.. وزارة التموين تطرح لتسعين مليون بني آدم ٣٠ طن سمك بأسعار مغرية، وذلك بواقع ثلاثة من عشرة جرامات للمواطن، أي أقل من ثلث جرام للبني آدم.. أحد الوزراء: مصر تحقق نجاحات كبيرة في برنامج الإصلاح.

كل الأخبار الواردة من الحكومة تجعلنا نقول بلااااااها صيام يا ولاد ……..!!!
الجريدة الرسمية