رئيس التحرير
عصام كامل

من يحكم العالم ؟ (2)


اعتبر "مارك زوكربيرج" كتاب "نهاية عصر القوة / السلطة" من أهم الكتب العشرين التي ينصح بقراءتها، والذي كتبه "موسى نعيم" المدير التنفيذي للبنك الدولي ووزير التنمية العامة في فنزويلا، إلى جانب مدير مجلة فورين أفيرز لمدة ١٤ عام، وقد صدم الوزير الشاب صاحب ٣٦ ربيعًا عندما رأى الاحتجاج ضد برامج الإصلاح الاقتصادي والتقشف الذي تبنته الحكومة ليمثل ضعف على الحكومة، وقد عرف "نعيم" السلطة وما يسمى القوة العظمي، ليصل إلى نتيجة مفادها تغير أساليب التحكم، وكانت تسريبات وثائق ويكيليكس خير مثال لاختراق وفضح العلاقات السياسية لدول كبرى مثل أمريكا، أثبتت أن سرعة تداول المعلومات قوض سلطة القوى العظمى بالإضافة إلى تمرد دول على سيادة الولايات المتحدة. 


ولعل القبض على ناشطين سياسيين أمريكيين في مصر عهد حكم المجلس العسكري، هو أحد الأمثلة المساقة إلى أمثلة أخرى، مثل عدم السيطرة الكاملة على الإرهاب في باكستان، الذي يعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه هى متغيرات العولمة، وهنا يرى "نعيم" خفوت نجم القوة الأمريكية مع صعود القوة الصينية التي ستتعرض لأزمات لاحقة ناتجة عن ضعف البنية الاجتماعية والسياسية.

"السلطة لم تعد كذي قبل" مقولة برهن عليها "نعيم" من خلال سلطة الشركات متعددة الجنسيات وغزو الثقافة والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، ومنظمات حقوقية غير حكومية، أصبحوا لاعبين جدد على الساحة، ودلل باحتياج الدول لتقييم صندوق النقد والبنك الدولي لاقتصادياتها.. حتى الشركات متعددة الجنسيات أصبحت تغير مديريها دوريًا وبالتالي لا أحد يحكم للأبد.

الرئيس البرازيلي "فيرناندو انريك" الذي أنقذ اقتصاد بلاده أقر لـ"نعيم" في مقابلة أن الناس والسياسيين يرون أنه قادر على تحقيق المعجزات، رغم قدرته المحدودة في أمور عدة مما يشكل أكبر ضغط على المسئول الحكومي.

ويطرح "نعيم" سؤاله، القوة في يد من؟

والإجابة إنها متحركة، ولا يوجد قوة ثابتة، وهذه هى متغيرات القرن الحادي والعشرين، ودلل على انهيار النظم السياسية القوية في الربيع العربي، ثم انهيار النظم التالية مثل نظام الإخوان في مصر، وأكد أن وجود صراع سياسي في دولة مثل أمريكا بين لاعبين مختلفين، يفقد الحكومة القدرة على توحيد جهودها نحو هدف، أيضًا دول الاتحاد الأوروبي المختلفة القرار في أزمات مثل سوريا.

وهناك جانب إيجابي لتلاشي مفهوم السلطة، وهو منح مفهوم القوة والفرصة للمخترعين والمبدعين ورواد الأعمال وأصحاب المشروعات والناخبين نحو تحقيق طموحاتهم، فأصبحوا قوة تغيير حقيقية، كما أن القوة الحقيقية للنظام الصيني هو إخراج ٤٠٠ مليون مواطن من خط الفقر، أيضًا الازدهار الذي حققه أوباما نحو الاقتصاد الأمريكي مثل له قوة، وللدولة تباعًا وليس السلطة بمفهومها الكلاسيكي، واختلف "نعيم" مع "جوزيف س. ناي" في مفهوم القوة الناعمة.

توصل "نعيم" إلى الحاجة نحو تطوير مفهوم الديمقراطية، بما يحقق مصالح المواطنين على السواء، لضمان استقرار السلطة في ظل العولمة، وعصر السرعة، وتداول المعلومات التي أصبحت من المتغيرات الحتمية في أنحاء الكرة الأرضية.

الجريدة الرسمية