رئيس التحرير
عصام كامل

«الدستورية» تفجر خلاف فقهاء القانون على مصرية «تيران وصنافير».. «الجبالي»: الترسيم لا يعني ادعاء السيادة.. «عدلي»: أفسدت تحايل الحكومة.. و«الجمل»: لا


فجّرت المحكمة الدستورية العليا، مفاجأةً من العيار الثقيل بشأن إبرام المعاهدات الحدودية، بإعلانها إرساء مبدأ قضائي جديد يتعلق بأعمال السيادة، فنّدت المحكمة خلاله المادة رقم "151" من الدستور المصري المتعلقة بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية، وقالت: "إنه لا يجوز لجهة الإدارة التعلق بأعمال السيادة حال إبرام اتفاقية تتضمن التنازل على جزء من إقليم الدولة، وإلا يعد ذلك مخالفًا لأحكام الدستور".


التحجج بالسيادة
في هذا الصدد قالت المستشارة تهاني الجبالي، النائب الأسبق لرئيس المحكمة الدستورية: "إن المحكمة الدستورية العليا أرست مبدأ قضائيا، بأنه لا يجوز لجهة الإدارة التحجج بأعمال السيادة في إبرام اتفاقيات، تتضمن التنازل عن جزء من إقليم الدولة وهذا المبدأ حسم الجدل، فيما يتعلق بجزيرتي تيران وصنافير؛ لأن الأمر ليس محل خلاف قانوني، فلا يجوز لأي جهة أن تدعي مسئوليتها عنه لأن الدستور يمنع هذا.

وأكدت "الجبالي" في تصريح لـ«فيتو»، أنه لا يمكن للحكومة - وفقا لهذا المبدأ- التنازل عن أي جزء من الأرض، خاصة وأن مصر تمارس السيادة على هذه الأرض منذ أكثر من 200 سنة.

إلغاء اتفاقية تعيين الحدود

وأوضحت النائب الأسبق لرئيس المحكمة الدستورية العليا، أن ترسيم الحدود لا يعني ادعاء السيادة، وبالتالي المبدأ ثابت في القضاء الدستوري، وسبق أن قضى به في عدة أحكام، وسيكون له مردود على قضية الجزيرتين، وفقا للمادة 151 التي تقضي بمنع إبرام أي معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة.

الجبالي: الدستورية حسمت مصرية تيران وصنافير وفقا للمادة151

منع إبرام المعاهدات

وقال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس محكمة مجلس الدولة الأسبق، "إنه لا يحق للمحكمة الدستورية العليا أن تفصل في أحقية السلطة التنفيذية في إبرام الاتفاقيات الدولية، أو الأحكام العرفية أو إعلان حالة الحرب؛ لأنها في صلب أعمال السيادة، وفقا لما حدده الدستور، وبالتالي فكل المعاهدات المتعلقة بتعيين الحدود مستمرة".

القول الفصل
وأشار «الجمل» في تصريحات لـ «فيتو»: إلى أن الخلاف حول أعمال السيادة، تبت فيه السلطة التشريعية متمثلة في مجلس النواب، وليس القضاء، وبالتالي فالحكم الابتدائي الذي أقرته محكمة القضاء الإداري بوقف تنفيذ اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير غير سليم، مؤكدا أن اتفاقيات الحدود بين مصر والدول الأخرى لا تخضع لأعمال القضاء.

حامد الجمل: لا يحق لجهة قضائية منع إبرام الاتفاقيات الدولية

صلاحيات الدستورية
وأضاف المستشار نور الدين علي، الفقيه الدستوري، أن المبدأ الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا بشأن أعمال السيادة، يؤكد أن المحكمة الدستورية من صلاحياتها تحديد الأعمال السيادية من عدمه.

وأضاف "علي" في تصريح لـ«فيتو»، أن المحكمة اعتبرت في مبدأها الجديد أن التنازل عن جزء من إقليم الدولة عمل مخالف للدستور ولا يعد من أعمال السيادة، وأن كل انتهاك للدستور ستتصدى له باعتبارها رقيبة على السلطة التشريعية فلن تسمح لأي سلطة أن تنتهك أحكام الدستور، بحجة "العمل السيادي"؛ لأن مخالفة الدستور تعني أن العمل خارج نطاق المشروعية وهو والعدم سواء.

الاستفتاء الشعبي
وأوضح "نور الدين"، أنه وفقًا لذلك المبدأ فإن توقيع اتفاقية تيران وصنافير، يعد هو والعدم سواء، ولا بد من عرضها للاستفتاء الشعبي وفقا للدستور، قائلا: "أرى أن اتفاقية تيران وصنافير ليست معاهدة بمفهومها الصحيح، وإنما عمل تنفيذي مرتبط بمعاهدات سابقة وقعت مصر عليها في الأمم المتحدة وهو أمر ملزم للجميع، ووفقًا لذلك يكون من حق السعودية اللجوء إلى المحكمة الدولية".

مبدأ دستوري
وتابع المحامي مالك عدلي، الناشط الحقوقي، وعضو هيئة الدفاع عن مصرية تيران وصنافير، أن إرساء المحكمة الدستورية مبدأ قضائي جديد، يقضي بأنه لا يجوز لجهة الإدارة التعلق بأعمال السيادة في إبرام اتفاقيات، تتضمن التنازل على جزء من إقليم الدولة، هو أمر يتفق مع الدستور خاصة المادة (151)، مضيفا «تحظر هذه المادة على السلطة التنفيذية إبرام اتفاقيات من شأنها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة، وأن قيام الحكومة بالتوقيع على اتفاق يتضمن ذلك لا يعتد به، ولا يعد عملا من أعمال السيادة، ولكن الحكومة للأسف كلما طرقت بابا للتحايل بهذا المسمى يغلق في وجهها».

القضاء والسيادة

وأكد "عدلي" في تصريح لـ«فيتو»، أن القضاء هو الذي يحدد أعمال السيادة، وهذا المبدأ القضائي ينهي الجدل حول تيران وصنافير؛ لأن المشكلة كانت في تحديد الوضع القانوني للجزيرتين، التي تثبت الوثائق مصريتهما، ورغم ذلك حاولت الحكومة تزوير هذه الوثائق وزعمت أنهما سعوديتان.

مالك عدلي: الدستورية تفسد محاولات تحايل الحكومة بشأن الجزيرتين
الجريدة الرسمية