رئيس التحرير
عصام كامل

خطة لإنقاذ الاقتصاد المصري


أثارني ما أعلنته مؤسسة بلومبرغ عن وصول سعر الصرف في السوق الموازية إلى ضعف السعر الرسمي في رسالة مبطنة لها مغزى لمن يعي في إشارة لانهيار العملة كما حدث في دول مماثلة وبالطبع فإن التقارير الاقتصادية السابقة التي نشرتها المؤسسة العالمية نحو الاقتصاد المصري أكدت أن لها ميولا سياسية ضد النظام السياسي في مصر، لذا فإن تحليلات المؤسسة العالمية تثير مخاوفي تجاه ما يحاك ضد الوطن من خلال خطة ممنهجة ضد الاقتصاد المصري من خلال الدفع نحو انهيار العملة والاتجاه للدلورة يساعدها في ذلك منظومة داخلية غير وطنية تعمل في ذات الاتجاه.


يجب أن ندرك العلة بلا مجاملة فقد أصبح الوضع على المحك بما يتطلب البحث عن قيادات اقتصادية تقود الحكومة لها مصداقية وتواجه الأزمة من كل جوانبها الشائكة لإنقاذ الوطن من خطر الإفلاس وأن تحظى هذه الشخصيات بثقة الشعب والمستثمرين المصريين والأجانب على السواء لتحقق هدفين لهما أولوية لا ثالث لهما:

١- منظومة تحفيزية لجذب الاستثمار الأجنبي لتكون مصر أرض الفرص خلال الشهور القادمة لمدة محدودة باستهداف عشرين مليار دولار يتم ضخهم خلال مدة لا تزيد على ستة أشهر إلى البنوك المصرية.

٢- القضاء على ظاهرة اكتناز الدولار من خلال إقناع الشعب بإيداع الدولار في البنوك بفوائد جاذبة أو في مشروعات مغرية العائد يقودها القطاع الخاص المنضبط لأنه الحائز على ثقة المواطن بقدر أكبر من الحكومي وهذه هي الحقيقة.

وهناك فكرة بديلة وهى أن تطرح البنوك استثمار الذهب لعملائها من خلال برامج استثمارية للخروج من الاستثمار في الدولار أو المضاربة في الذهب والفضة بعائد حد أدنى مضمون وهناك أفكار خارج الصندوق عديدة لتحقيق الهدف.

هذان الهدفان لهما أولوية قصوى لإدارة الأزمة كما ينبغي ثم تأتي أهداف أخرى اقل أهمية نحو الاقتصاد المصري.

هذان الهدفان سيحققان القضاء على سعر الصرف الموازي تزامنا مع رفع سعر الصرف الرسمي ويجب أن يوضع برنامج زمني لأننا لا نملك رفاهية الوقت مع حزمة فورية من إجراءات التقشف الحكومي والتطوير الهيكلي في المنظومة الحكومية لتسريع التراخيص للمشروعات الاستثمارية.

أما تطبيق مفردات لغة الاقتصاد العالمي داخليا وخاصة الحوكمة الرشيدة والشفافية في الاقتصاد الوطني أصبحت ضرورة ملحة ولا خيار لنا بها للاندماج في الاقتصاد العالمي وجذب الاستثمارات السريعة عابرة القارات.

ويجب ألا نهمل دور القطاع الخاص ودوره نحو إعادة عجلة الإنتاج لأنه يمثل ترمومتر الاستثمار الأجنبي وشريك مباشر في تنمية اقتصادية حقيقية بل وأنه سيحقق منها الربح قبل القطاع الحكومي وعلى الجانب الآخر لن تتحق بدون مشاركته بما يجعلنا نحتاج لتحفيز مقبول في شراكة متكافئة تتناسق مع إحداثيات الوضع الراهن في اقتصاد مفتوح بعيدا عن ثقافة أن الدولة هي الأقوى والمتحكم الأوحد يلي ذلك إيجاد برامج تحفيزية لدمج الاقتصاد غير الرسمي في المنظومة الرسمية بالتدريج يعقبها عقوبات ولا يمكن أن تخرج العقوبة قبل الحافز ويلاحظ أن من أسباب انهيار العملة في أوكرانيا هو السوق الموازية بنسبة ٥٠٪‏ فيما تتعدى النسبة في السوق المصرية هذه النسبة بمراحل.

إن أزمة الثقة في المجموعة الاقتصادية في الحكومة طالت رئيس الوزراء وزادت لدرجة أن هناك من يستغل ذلك لنشر شائعات لجوء الدولة لطباعة النقد وهي شائعة مغرضة لكسر العملة المصرية وقيمتها في مؤامرة ممنهجة لمقاومة تدبير الحكومة النقد الأجنبي وهذه المؤامرة سيكتوي منها كل الأطراف الداخلية أولهم مكتنزو الدولار وثانيهم محدودو الدخل وأي حراك سياسي تنتظره المعارضة المفككة سيكون لصالح تنظيم داعش الذي يجهز عناصره لاختراق مصر واستغلال أي تظاهر ليحقق موجة من الاغتيالات والتفجيرات المتتالية.

عموما فرغم ضعف المجموعة الاقتصادية في الحكومة لا يعني أنها لا تدرك أن الظرف الاقتصادي الذي لا يسمح بطباعة النقد وإن كان هذا التصرف مقبولا جدا وقت النمو ولكن لا أعتقد أن الدولة تنتهج هذا التوجه لأن هناك من الإجراءات المنتظرة التي تقدم حلولا اقتصادية أما الشائعات بهذا السياق فهي تهدف لتدمير الجنيه عن عمد.

لا ننس الإنجازات التي حققها القطاع المصري المصرفي في تحجيم القروض لإنقاذ البنوك وعملائها من الانهيار الاقتصادي خلال العامين الماضيين لذا فهناك أمل في اجتياز الأزمة في التوقيت المناسب وأكرر أننا لا نملك رفاهية الوقت.

وبين رئيس وزراء لم يحظ بقناعة شعبية حتى الآن ولم يعلن تحمله مسئوليات المرحلة صراحة من التعويم ورفع الدعم إلى لجنة اقتصادية في البرلمان لم تطرح أي رؤية أو خطة أو منهجية رقابية وكأنها غير مسئولة إلى تقارير بلومبرغ والإيكونومست الموجهة أساسا ضد النظام السياسي...يجب اتخاذ قرارات جريئة لمواجهة الأزمة.
الجريدة الرسمية