رئيس التحرير
عصام كامل

سائق التوك توك والروح التشاؤمية


أثار حديث سائق التوك توك الشعبوي تعاطف العوام من المصريين أكثر من تعاطفهم مع شهداء الإرهاب ورغم اختلافي معه في نقاط عديدة ولكن تعاطف الملايين معه يعني أن هناك أزمة حقيقية في الروح المعنوية للشعب المصري ترتكز على أزمة اقتصادية تواجهها طبقات الشعب المتوسطة والدنيا سببها الرئيسي انفلات سعر الدولار وهناك عشر ملاحظات على الحدث وهي:


١-سؤال مكتب رئيس الوزراء هاتفيا لعمرو الليثي عن السائق قد يعني أن رئيس الوزراء قد صدم بمحتوى البرنامج وهذا يدل على انعزال رئيس الوزارة عن أحوال المواطنين على الرغم أن رئيس الدولة أكد إدراكه بهذه الأوجاع لذا فهذا التصرف غير موضوعي.

٢-عدم وجود خطة من رئيس الوزارة لإيجاد تفاعل شعبي وتسويق للإنجازات وما تم فعليا منها ثم الاقتناع بضرورة الإصلاح الاقتصادي وأهميته وخلق حوار مجتمعي نحو دفع ثمن فاتورة الإصلاح.

٣-اتهام مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي (المؤيدين للدولة) لسائق التوك توك (مصطفى عبد العظيم الليثي) أنه إخوان بلا أي بيانات من جهات رسمية مما سبب هربه إلى الصعيد يجعل أي خطاب معارض يواجه باتهامات جاهزة بلا موضوعية بما يؤثر على مصداقية القوى الداعمة للدولة أمام الشعب وقد يكون السبب عدم وجود مصادر معلومات معتمدة لديهم (عدم وجود تنظيم سياسي لهم).

٤-سائق التوك توك هو موظف عشوائي يعمل تحت مظلة سوق غير رسمي يمثل إهدارًا لحقوق الدولة والشعب وهذا السوق هو الملعب الحقيقي لرفع سعر الدولار والمضاربة به، لذا فسائق التوك توك هو أحد عناصر إفساد الاقتصاد الرسمي ولكنه لا يعلم للأسف لأن أحدا لم يوعه بمدى ضرره نحو الاقتصاد الوطني.

٥- ذكرنا في مقالات سابقة عما طرحه الاقتصادي ستيفن لاند سبيرج بأن هناك فارقا بين أوجه الإنفاق نحو مشروعات قومية تدر الربح لاحقا (مثل شبكة الطرق والكهرباء) فهي مكسب قومي لأنها ستحقق أرباحا عاجلا أم آجلا على عكس الإنفاق على الدعم والمرتبات التي تعد عبئا لا يدر ربحية بأي شكل نحو الاقتصاد الوطني وللأسف لم تجد مشروعاتنا القومية التسويق اللازم المطلوب نحو إنجاحها إعلاميا قبل النجاح الفعلي.

٦- في مقال سابق دعونا لطرح المشروع القومي للمشروعات الصغيرة للتصدير جنبا إلى جنب مع المشروعات القومية للوصول إلى المواطن البسيط مع منع الأنشطة الطفيلية (مثل التوك توك) وتوجيه الشباب للتصدير والإبداع لبناء اقتصاد وطني حقيقي وإيجاد مسارات تحويلية للمواطن لمواجهة الغلاء.

٧- غياب الدور السياسي للبرلمان في خلق حوار مجتمعي فعال نحو مواجهة أزمة جشع التجار واكتناز الدولار والفساد أيضا عجزه عن مواجهة الغلاء العشوائي الناتج من ضريبة القيمة المُضافة كحجة استغلها التجار ولا نغفل سوء اختيار التوقيت لطرح القانون.

٨- نفتقد صناعة الأمل بشدة وانخفاض الروح المعنوية وهذا هو سبب شهرة سائق التوك توك بسبب الفراغ والحالة التشاؤمية وهو ما يتم استغلاله سياسيا من جانب اعداء الدولة.

٩- تحدثنا في مقال سابق عن قيمة الطبقة المتوسطة في بناء المجتمع وتحدياتها في المرحلة الحالية وأهمها الغلاء وهو ما يمثل خطرا اجتماعيا يجب تداركه بحكمة ولا نحتاج لسائق توكتوك ليشرح تحدياتنا ونفتح باب للمزايدة والبطولات الزائفة.

١٠- الحرب الاقتصادية أهم أدواتها منظومة الفساد واختراق الجهاز الإداري للدولة والبرلمان والإعلام لذا نحن في حاجة إلى مذبحة القلعة.. لأن هناك فقدانا لاتجاهات البوصلة لدى الشعب المصري نحو المخربين والمطبلاتية الذي يجاهرون بالوطنية ويشوهونها بأفعالهم لأنهم عناصر الحرب الاقتصادية،

نهاية نؤكد أن خلق روح تشاؤمية كان هدفا لأعداء الدولة ورغم أنهم نجحوا في ذلك لأنهم وجدوا الأدوات والأسباب وحتى لو كان سائق التوكتوك ممثل محترف فلم نجد من يبني روح الأمل وقيمة العمل لدى المصريين كرد مواز في معركة إفشال الدولة وللأسف فلم يكن من المفترض أن يتم الإعلان عن اتهام الجماعة المحظورة بخلق روح تشاؤمية لأن العوام لن يدركوا أن هناك صناعة للمشاعر وطبيعي أن يسخروا من الاتهام رغم أنها واقع فليس كل ما يعرف يقال خاصة في أساليب إدارة الشعوب.

نحن نحتاج خطة تسويقية إعلامية نحو الإنجازات الاقتصادية والحرب ضد الإرهاب الذي يستنزف مقومات الدولة وضد المعوقات مثل الفساد والسوق الموازي والمضاربة في السلع والدولار لصناعة الأمل بالاعتماد على كوادر إعلامية وسياسية صادقة يتم صناعتها بحرفية لاجتياز المرحلة الصعبة من عمر الوطن بفكر شاب جريء يواجه مستوى الحرب التي يواجهها الوطن بآليات القرن الحادي والعشرين وليس بفكر عفى عنه الزمن.
الجريدة الرسمية