رئيس التحرير
عصام كامل

الإصلاح والأخلاق


نهتف وراء توجهات الإعلام الموجهة دون إعمال العقل أو الانتظار في محطة الفهم، فالإصلاح لا يأتى إلا من خلال تغيير أنفسنا، ولا يأتى إلا من خلال وعينا بمفاهيم إيجابية وتطبيقها بصورة عملية وأمينة من خلال الأخلاق..


فالأخلاق هي اللبنة الأولى التي يبنى عليها أي مجتمع ونظام سليم فهى مجموعة التصرفات والعادات التي تختص بالأفراد معًا وارتباطهم وتعاونهم، لتسهيل معيشتهم وحفظ كيان المجتمع وارتقائه وأى توجيه مضاد لذلك المفهوم يعد مُفسدًا للأخلاق، فالأخلاق تقع بين طرفي الفرد والمجتمع ومدى التفاعل بينهما، فهى أساس النظام السياسي بل أساس الحرية السليمة التي لا تتحقق إلا في إطار الديمقراطية.

وليس الحرية هي أن يفعل الإنسان ما يريد، وإنما يفعل ما هو صالح من أعمال تعود على الجماعة بالنفع العام لا الفرد؛ لأن العمل الذي يعود على الفرد بالنفع ليس هو النفع العام وإنما المحاباة، والمحاباة ليست من الأخلاق، والممارسة الحقة للحرية هي إيقاظ الأخلاق وتأمين الشعب ضد الفئات الجشعة، ولن يحدث ذلك من خلال فرد بل من خلال شعب يعمل، شعب واع بمفهوم الحرية التي تتأسس على الأخلاق وليس الحرية المطلقة والبلطجة الإعلامية وسياسة الأخذ بالذراع، ومن ثم ظهور الفوضى في المجتمع وتصبح الحرية المطلقة سلاحًا في يد القادر أما العاجز فلا يتمتع بها، ولذلك فالحرية السليمة هي الحرية الملتزمة والاختيار الواعى السليم الذي يحقق الديمقراطية التي هي تحضُر للسلام.

فإذا أردنا الإصلاح لا بد من تغيير الإنسان والمجتمع لا بد من تجديد فكر الإنسان المصرى لمعرفة كيف يُنمي الأخلاق ويحترم الحريات ويقبل التعددية ويفهم ما هي الديمقراطية السليمة التي تتحقق في إطار السلام بعيدًا عن انحطاط الوعى الروحى والأخلاقى، فالسلام الاجتماعى يعد بعدًا أسياسيًا لوقف الصراع ومشكلات الإنسان ولن يتحقق ذلك إلا من خلال البعد عن آليات العنف الفكرى الموجه من خلال قنوات النميمة، والتي سرفت الناس عن قضاياهم الأسياسية وشغلتهم بالصراعات الوهمية على الفضائيات في الوقت نفسه تتوالى أنباء الشهداء بصفة يومية من الجيش في سيناء والشرطة أيضًا للحفاظ على هذا الوطن، فيجب القضاء على الصراع الطبقى والجمود الفكرى والانتهازية التي تسعى لتحقيق مكاسب شخصية.

فلن يتحقق التقدم من خلال شخص بعينه يحول النار إلى جنة والصحراء إلى أرض خضراء وإنما من خلال وعينا بتحقيق مفاهيم الأخلاق والحرية السليمة والعمل المؤسسى والديمقراطية الخلاَّقة المؤسسة على إيقاظ الوعى الروحى والأخلاقى للإنسان والمجتمع.
الجريدة الرسمية