رئيس التحرير
عصام كامل

انتبااااه..عِرْق «الحاج نَبَوِي» ضَرَب في الحكومة!


نجح الحاج نبوي صاحب المَجْيَرة المتواضعة في الانتخابات المضروبة لمجلس محلى الحي وصار عضوًا به.. كانت أولى النصائح له أن يتحدث بلغة محترمة تناسب المكانة الجديدة لسيادة النائب.. اجتهد الرجل وأخطأ وأصاب، لكن كما يقول المصريون الطبع كان غالبا وعُمر ديل الكلب ماينعِدِل لو علَّقْت فيه قالب.


الحاج نبوي حمل شكوى أهالي الحي من طفح المجاري المزمن، وقام بما ينبغي عليه القيام به، وتوجه للمحافظ يطرح أمامه أنين الموجوعين.. ثم عاد ليجد المواطنين في انتظاره وكلهم شوق لسماع النبأ السار بعد طول انتظار.. كان الرجل قد حصل على مجرد وعد بالحل كما كان يحدث دائما..ولما عاتبوه وألمحوا إلى ضعفه وتهجيصه.. همس له الشماشرجي الملازم له بأن يقول بلغة رصينة "لقد رفعت صوتي عاليًا بالاحتجاج الشديد أمام المحافظ".. صمت الحاج نبوي هنيهة ثم قال لجماهير الحي "عليَّا الطلاق لسه مجَعَّر للمحافظ دلوقتي".. تذكرت واقعة الحاج نبوي وأنا في حالة تأمل وأسى لتصريحات وزرائنا التي اصطدم فيها بالقبح والضحالة والاستخفاف.. فلا أرى فيهم إلا امتدادا لعِرْق الحاج نبوي.

أرجوك.. لا تسارع في إطلاق أحكامك على وجهة نظر مغايرة لما تراه بمنظارك بأنها لا تغرِّد في سِرْبِك، ولا تسير في ركبك، ولا توافق هواك.. لا سيما لو جاءت من رحم عشق الوطن مهما بلغت في حدتها وتجاوزها بل قسوتها أحيانًا.

كان لابد من المقدمة السالفة قبل الدخول فيما أريد.. تستهويني متابعة السادة المسئولين من زمن.. ذلك أنهم مادة خام واسعة الاستعمال والإلهام في الكتابة وبالأخص الساخرة منها.

أحْزَن لمستوى وزرائنا في الألفية الثالثة التي تشهد طفرة إفرازات بشرية رفيعة المستوى من الإبداع والمهارة بل البيان الأخَّاذ عند الكلام.. أتحدث عن الساسة والمسئولين في جميع أنحاء العالم، وأحزن لأننا خارج التصنيف.

مستوى الحضور الثقافي لوزرائنا في تقديري من أخطر أسباب تآكل الإعجاب بالنظام.. بل أذهب إلى أبعد حدود المكاشفة وأقول إنه يشرخ هيبة الدولة.

عندما يخطئ وزير التعليم في الإملاء، لا تنتظر احترام الجماهير.. وعندما يقول وزير السياحة في شرم الشيخ هانسد الخرم(!) فلا تندهش لو أطلق المواطنون على شرم الشيخ خرم الشيخ ومعذرة.

يقسم لي أحدهم أنه شاهد وزيرا في زيارة لمركز رعاية "المكفوفين" يقول لـ"المكفوفين": أظن "شفتوا بعنيكوا" الحاجات اللي بنقدمها لكم؟!

المدهش والمحزن في نفس الوقت أن تشعر أن ماكينة بعض الوزراء خفيفة.. رئيس الحكومة السابق يفسر الماء بعد الجهد بالماء في عبارته الشهيرة التي اسْتَشْهِدُ بها دائمًا "مصر ليس وطنا نعيش فيه بل وطن نعيش فيه".. وجاني منين الهوا وأنا قافل الشباك؟!
في أحدث طبعة من وزراء الألفية الثالثة.. تصدم بتصريح لوزير التجارة الخارجية يخاصم المنطق وكأنه يقول فيه إن الدولة تعتزم توقيع اتفاقيات للتبادل التجارى والأرزاق على الله!

ورغم الدور المهم للوزراء في صنع الجاذبية للنظام الذي يمثلونه، فإن أخبارهم لم تعد تثير الاهتمام ولا الانتباه.. لقد صارت أخبار الوزراء صورة طبق الأصل من الخبر التالي:

ــ التقى اليوم بديوان وزارة المواصلات الدكتور وزير المواصلات والدكتور وزير التموين، وقد أسفر النقاش الطويل عن تطابق تام في وجهتي نظر الوزيرين، بأن الواد بتاع بوفيه وزارة المواصلات نَفَسه حلو في القهوة عن الواد بتاع بوفيه التموين.

والحديث موصول عن الـ"ستاند أب كوميدي" للسادة المسئولين.. فعبر فضائية الحياة ومن خلال برنامج الحياة اليوم.. أكد السيد جلال السعيد محافظ القاهرة عدم صحة ما رددته وسائل الإعلام بأن القاهرة غرقت في شبر ميَّه بعد سقوط الأمطار.. ثم أضاف سيادته كما لو كان يكشف النقاب لأول مرة في التاريخ عن حقيقة علمية خطيرة قائلًا بالنص: إن المطر لما بينزل الشوارع بتِتْبَلّ !.

صديقي القارئ العزيز.. بذمتك ودينك..هل شعرت بفرق بين البهوات الكبار وبين الحاج نبوي صاحب التجعيرة؟

أكتفي بهذا القدر قبل أن يجرني استرسالي إلى الوقوع تحت طائلة قانون العقوبات متلبسًا بالسب والقذف والسير على نهج انشراح!
الجريدة الرسمية