رئيس التحرير
عصام كامل

لو كنت وزيرا للتعليم!


لو كنت وزيرا للتعليم لكان أول قرار أتخذه هو وقف تدريس اللغات الأجنبية للمصريين في مرحلتي رياض الأطفال الابتدائية حتى الصف الثالث الابتدائي، ليبدأ تدريس اللغات الأجنبية للناطقين بالعربية بدءا من الصف الرابع الابتدائي.

وبالطبع فهذا القرار سيثير ضجة إعلامية وربما دولية، وعليَّ أن أستعد لهذه الضجة وأستعد لمواجهة الرأي العام، فمن وجهة نظري على أي وزير قبل أن يتخذ قرارات حاسمة أن يكون مستعدا لمواجهة الرأي العام بشأن قراراته، وليس التراجع عنها طالما أنها قرارات مدروسة.

الاستعداد لمواجهة الرأي العام يكون بدراسة الفئات التي ستعارض هذا القرار، ما بين أصحاب ومصالح الكتب الخارجية المستفيدة من طباعة الملخصات، ودور النشر المتعاقد معها لطباعة كتب هذه اللغات لصالح الوزارة، ثم المدرسين الذين يعملون في هذه المراحل لتدريس اللغات الأجنبية، وربما تغضب أيضا بعض الدول التي تعتبر في تدريس لغاتها نوعا من شروط تأكيد العلاقات الدبلوماسية، وأخيرا الأصوات التي تتحرك من وجهة نظر الانفتاح على لغة الآخر وعدم العزلة على الذات، وستصف غالبا هذا القرار بالتخلف والرجعية.

طريقة الاستعداد لمواجهة تبعات هذا القرار، بتوضيح ما وصل له الحال من ضعف في مستوى القراءة والكتابة، وأنه لا قيمة حقيقية لتعليم أي شيء بدون اكتساب الطلاب لغة أم يتقنونها ويجيدون بها القراءة والكتابة والتواصل والتفكير، سأذكِّر بأيام كان فيها طلاب التوجيهية يجيدون نظم الشعر، بينما لا يجيد الآن الكثير من المعلمين أنفسهم قواعد اللغة، هذا الخطاب وهذا التحريك للرأي العام من خلال العلاقات العامة بالوزارة، سيكون له دوره في تخفيف غضب جهات الكتب الخارجية ومن سيهاجمون الوزارة بتهمة الرجعية، أما الجهات المتعاقد معها لطباعة الكتب فسيتم تعديل الاتفاق معهم لزيادة عدد كتب اللغات الأجنبية في باقي المراحل، بما يعادل الفاقد منهم بكتب تصويرية وكتب دلالية، تُزيد تنمية حصيلة الأطفال اللغوية.

لا مانع مثلا من طباعة (فلاش كارد) للطلاب أو قواميس لونية مبسطة يلونها الأطفال في باقي المراحل، بما لا يقلل مما يحصلون عليه من نفقات مقابل الطباعة من ناحية، ويعزز مهارات اللغات الأجنبية التي سيتم التأكيد على تدريسها بشكل أفضل بدءا من الصف الرابع الابتدائي.

بالنسبة للمعلمين الذين سيشعرون بالقلق على وظائفهم من إلغاء هذه المواد، سيتم اتخاذ قرار بتطبيق نظام التعلم النشط بواقع معلمين أو ثلاثة لكل فصل، بحيث يتم استيعاب الزيادة في عدد المعلمين التي ستنتج بعد قرار الإلغاء، وبشكل يتيح الإفادة أكثر، فعندما يزيد عدد معلمي اللغة الأجنبية للفصل الواحد يزيد بالتأكيد الأداء.

بالنسبة للجهات الدولية، سأتفاوض معها بشكل يفيد الطلاب أكثر، سأطلب منهم مقابل احتجاجهم هذا تدعيم تدريس لغاتهم الأجنبية بتوجيه المعونات المقدمة لرياض الأطفال وللصفوف الابتدائية؛ لصالح إنشاء معامل لغة بالمدارس، وفي زيادة عدد المبتعثين من مدرسي اللغات الأجنبية وإطالة مدة بقائهم بحيث أوفِّر بكل مدرسة على الأقل مدرسا اكتسب مهارات التحدث والنطق الأقرب للصواب، من خلال تدريبه على الصوتيات في جامعات أجنبية، وأظن أن هذا سيرضيهم طالما تحققت منفعة معرفة الطلاب باللغات الأجنبية.

في الوقت ذاته، سأتفاوض مع المؤسسات والجهات الداعمة والمحبة للغة العربية، على توفير دعم لتطوير منهج اللغة العربية، بعقد دورات وتدريبات للمدرسين؛ للتأكيد على سلامة الصوتيات، وتمكين أسس وقواعد النحو ومهارات القراءة والكتابة، سأطلب منهم في المقابل توفير مواد سمعية وبصرية، ومواد للتلوين ومواقف لغوية تُسهم في جعل المتعلمين على قدر من التحدث بالفصحى السليمة، سأحاول أن أوفر في كل مدرسة مدرسا قادرا على تحليل الصوتيات وإيقاعات العربية، ويمتاز بسلاسة وسلامة الألفاظ.

ربما يكون كلامي السابق قابلا للتطبيق، وربما يكون حماسيا؛ نتيجة ما أراه من ضعف مستويات القراءة والكتابة في أرض الواقع، لكنني أقدِّم مقترحي هنا لمن يهمه الأمر فليدرسوه ولينظروا إن كان يصلح للتطبيق أو للتعديل فليكن، وإن لم يكن يصلح فإني أنتظر منهم ردا بخطة بديلة تغير من حال واقع أمية اللغة العربية، وضعف مستويات الطلاب أيضا في اللغات الأجنبية وفي نطقها وفي تعلمها.
الجريدة الرسمية