رئيس التحرير
عصام كامل

قرص فياجرا... دفاعا عن غزة


قبل الدخول في أي تفاصيل، يجب أن نعترف أن الرئيس عبد الفتاح السيسي "رئيس مبخت".. فما هي إلا ساعات قليلة مرت بعد قرار تحريك الأسعار، والحديث عن إلغاء الدعم، وبدأت إسرائيل في إمطار سماء غزة بـ"الصواريخ".

بعد هذه المقدمة "الضرورية"..نقول: المواطنين الذي كانوا قد أعدوا العدة لـ"تقطيع الرئيس".. فجأة وجدوا أنفسهم في "حيص بيص".. فـ"غزة تدك".. أبناؤها يضربون بـ"الصواريخ".. طائرات الاحتلال تطارد الجميع، و"لا فرق بين رجل وامرأة..طفل أو شاب.. إلا بتوقيت الهروب".. وفي الوقت ذاته "الأسعار نااااار ".. "هل نصمت على ما اقترفه الرئيس في نور عينيه؟" طيب "هل نحاول - مجرد محاولة - أن نصدق وعد التجار لمعالي دولة رئيس الوزراء إبراهيم محلب بعدم رفع أسعار السلع الغذائية؟" وهل نوافق على شراء "سمك في ميه"، ونقول "الدنيا ربيع..والجو بديع"؟ من المؤكد أنها أسئلة طاردتك بقوة، وأرقت منامك "ساعة الضهيرة"، مثلما حدث معي..!

الأسئلة السابقة لم تكن الوحيدة التي وجدت ملجأ لها في "عقلي الصائم".. فما هي إلا دقائق قليلة في "لفة على القنوات الفضائية" وتكتشف أن "اللي يشوف مصايب الناس تهون عليه بلوته".. فـ"غزة تحترق".. والأنباء تشير إلى تزايد أعداد القتلى بنيران العدو الصهيوني.. وهنا فقط تبدأ "المعركة"، ولأننا شعب "بتاعه مش ليه" فسرعان ما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بـ"وصلات الولولة".. ونداءات الاستغاثة.. ومطالب بفتح المعابر لـ"تحرير الأقصى" وما إلى ذلك من أمور، لو حاولت التمهل قليلا أمامها، ستجد أنها "نسخة بالكربون" من الشعارات التي نرددها كـ"البغبغان" في كل مرة تضرب غزة.. نهدد، نتوعد، نشجب، ندين.. وفي النهاية "ننام".

حالة الاسترخاء التي تمتعنا بها لساعات قليلة "هدنة مؤقتة يعني".. لم تدم كثيرا، فسرعان ما وجدنا غرف نومنا تشتعل... "المراتب" تحولت لـ" شوك".. بكاء أطفالنا الصغار، أعاد للذاكرة "نحيب الأمهات" في غزة.. مطالب الزوجات - التي لا تنتهي بالمناسبة- ذكرتنا بـ"الأدوية" التي تحتاجها مستشفيات القطاع المحتل.. الطعام الذي نتناوله على مائدة الإفطار وقف في حلوقنا وأبي أن يكمل دورته الطبيعية، فـ"إخواننا في غزة يموتون جوعًا"، ولهذا قررنا، إدخال تعديلات على "وظائف الفياجرا"، وبالفعل تناولنا "الحبة الزرقاء" فاحمرت خدودنا، وأصبح بمقدرونا أن "نهد جبلا"، فـ"استعنا ع الشقا بالفياجرا"، وفتح كل منا حسابه على "فيس بوك" أو "تويتر" وكتبنا..وبكينا.. وشجبنا.. ولم ننس أن ندين "همجية المحتل القذر".. وبعد انتهاء مفعول "الحباية" السحري.. استسلمنا لنوم عميق بعد أن "عملنا اللي علينا".. وغنينا "بالملايين...ع الأقصى رايحين". 

ولأننا شعب - كما قلنا- "بتاعه مش ليه".. لم تفلح موجة الحر القوية، التي ضربت البلاد، في تقليل حماسنا لـ"فتح غزة"، فخرجنا للمرة الثالثة، لنؤكد أننا سندعم "غزة" بكل ما نمتلك من قوة، بـ"الدواء" و"الدعاء"... و"البكاء" إن لزم الأمر، متجاهلين في الوقت ذاته مئات الإعلانات التي تطاردنا "أناء الليل وأطراف النهار"، والتي تكشف لنا "الفقر الدكر" الذي يرتع في ربوع "المحروسة".. فهاهي جمعية تطالبنا بـ"اكفل قرية فقيرة".. ومنظمة تتحدث عن "مدينة زويل" وضرورة أن نهزم "الفرنجة" في "ميدان العلم".. وإعلان ثالث يحدثنا عن المعنى الحقيقي لــ"الجوع الكافر".. ويخرج علينا "واحد من كبرات البلد" واضعا يده على رأس طفل يعاني "السرطان" ويطالبنا بــ"الزكاة".

بالمناسبة، وقبل أن تخرج، يجب أن تقول - فعلا- "سبحان الله"، فوسط هذا الكم الهائل من "المرار الطافح".. وشهداء غزة.. و"فقراء مصر".. تطل علينا، في الفواصل الإعلانية بين المسلسلات إعلانات من نوعية "مدينة ولا في الخيال" أو "ادفع 10 آلاف جينه وشوف البحر ".. وأيضا "شقة العمر والمتر بـ5 آلاف جنيه"... 
الجريدة الرسمية