رئيس التحرير
عصام كامل

«الإرهاب والفقر» يحاصران سكان «حدود الجزائر».. جبل «شعبانى» معقل «التنظيمات»..«ساسية»: لم أكمل دراستى بسبب الظروف.. «ناصر»: نلجأ لتهريب الوق

فيتو

يعاني الكثير من سكان الولايات الجزائرية - الواقعة على الحدود مع تونس- من غياب التنمية، واقع زادت مرارته مع ظهور جماعات إرهابية بمناطق عدة وخاصة منها في جبل الشعانبي.

في بداية جولتنا في المناطق الجزائرية الشرقية الواقعة على الحدود المتاخمة لتونس تنقلت " DW عربية" إلى ولاية تبسة، حيث زارت كل من بلدتي "بئر العاتر" و"بوشبكة" اللتان لا تبعدان عن تونس سوى بضعة كيلومترات فقط، ورصدت الأوضاع المعيشية هناك بعد حراك اجتماعي أعقبه آخر سياسي وأمني أربك النمط التقليدي في طلب الرزق.

يأتي ذلك بعد تشديدات أمنية فُرضت على المنطقة بعد تكون جماعات إرهابية جديدة اتخذت من جبل شعانبي الحدودي معقلا لها، الأمر على خطورته لم يمنع السكان الذين ألفوا حياة الكر والفر من المجازفة بحياتهم للعيش من تهريب المواد الغذائية والمحروقات في إطار ما يُطلق عليه محليا بـ "المبادلات".

عائلات كثيرة تقطن في منطقة "مشتة العقبة البيضاء" التابعة لبلدية "صفصاف الوسرى" في ولاية تبسة، أقصى شرق الجزائر، وأغلب هذه العائلات تعيش الفقر والعزلة في ظل غياب التنمية في بلد غني مثل الجزائر.

وخلال جولتنا في المنطقة التقينا "ساسية"، وهي شابة تبلغ من العمر 27 عاما، لم تكمل دراستها لطول المسافة التي تفصل بين المدرسة وبيت أهلها، الشابة عبرت لنا عن تذمرها من استمرار الوضعية المزرية لظروف الحياة العامة في المنطقة قائلة: "نعيش روتينا يوميا تنعدم فيه أدنى شروط الحياة من كهرباء وماء، ما دفع بالعديد منا إلى النزوح إلى الولايات المجاورة، تاركين بيوتهم وأراضيهم".

وتضيف قائلة: "نحن سكان المناطق الحدود ية نعاني أشد التهميش، في الماضي كنا نقصد تونس للتسوق أو للذهاب إلى الطبيب بدل التوجه إلى مدينتي عنابة أو قسنطينة، لكن الأمر تغير الآن، فالوضع في المناطق التونسية المجاورة لنا غير مستقر، هذا بالإضافة إلى التهديد الإرهابي المتربص بنا، إنها حياة سيئة فعلا.

من جهته، يتحدث ناصر، وهو فلاح شاب، عن مرارة وصعوبة الحياة في المناطق الحدودية قائلا: "أنا ولدت وترعرعت هنا ولم تسمح لي ظروف الحياة بأن أواصل تعليمي، أعمل الآن فلاحا مثل والدي، كون المنطقة هنا جيدة للفلاحة ولا يوجد أي عمل أو مصنع أو شركة يمكن العمل فيها، لكن الأوضاع الأمنية ساءت هنا وفي المناطق الحدودية التونسية على خلفية تواجد الجماعات الإرهابية.

وأضاف: " كما أن هناك حضورا أمنيا مكثفا في أراضينا،الأمر الذي دفعني إلى القيام بأعمال أخرى لكسب بعض من المال مثل تهريب الوقود والقيام بالمبادلات مع سكان الحدود من الجهة التونسية".

ورغم أن الحدود مفتوحة بين الجزائر والجارة تونس، عكس بقية الحدود الجزائرية مع دول أخرى، إلا أن ذلك يبدو أنه لم يعد بالنفع على السكان ولم يحل دون مواصلة عمليات التهريب.

وخلال جولتنا في الولايات الشرقية الجزائرية مثل تبسة وسوق أهراس والطارف وهي كلها لم نر أي مصنع أو شركة أو فضاء للترفيه، بل رأينا على العكس من ذلك في أحيان كثيرة مظاهر الفقر. ففي أحد الأحياء الذي يطلق عليه "العقلة" رأينا منازل غير مكتملة البناء وأطفال عراة حفاة يلعبون بالتراب. اقتربنا منهم وشدّنا "الخير"، وهو طفل لا يكاد عمره يتجاوز العشر سنوات، حينما قال: أريد العيش في العاصمة حتى تكون مدرستي قريبة وأتمكن من اللعب في الحدائق كباقي الأطفال.

وأضاف الطفل "الخير": أنا هنا لا أعرف سوى الجبل وجميع أساليب تهريب المواد الغذائية والوقود، ليس لدينا شيئا آخر ".

أما والده فينتقد التقاعس في الاستثمار في الولايات الجزائرية الشرقية قائلا: "بما أن حدودنا مفتوحة مع تونس، المفروض أن تُستغل هذه المناطق وتكون سياحية وبها كافة متطلبات الحياة خاصة وأن المسافرين من وإلى تونس يعدون بالآلاف يوميا".

ومع غياب التنمية في الولايات الحدودية، فاقم التهديد الإرهابي معاناة هؤلاء خاصة مع بروز تنظيم يعرف ب"الدولة الإسلامية في دول الساحل" التي هي امتداد لداعش التي عاثت فسادا في العراق والشام خاصة مع الإحصائيات الجديدة التي تتحدث عن 800 جزائري و2500 تونسي ينشطون تحت لوائها، الأمر الذي زاد من مخاوف سكان المناطق الحدودية من عودة هؤلاء بفكرهم التكفيري، خاصة وأن ذكريات العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر مازالت حاضرة في الأذهان.

وزادت المخاوف مؤخرا بعد إلقاء القبض على إرهابيين ليبيين داخل الأراضي الجزائرية تبين أنهم من تنظيم داعس الذي يرتب أرضية له في الجزائر.

وضع مزري للسكان الذين يعيشون بين نارين، إحداهما غياب أدنى شروط الحياة والتنمية والثانية التهديد الإرهابي وما نتج عنه من تواجد أكثر من ستة آلاف عسكري في الشريط الحدود المحاذي للحدود التونسية.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل...


الجريدة الرسمية