رئيس التحرير
عصام كامل

« كرامات الحسين».. حكايات أغرب من الخيال عن بركات «حفيد النبى».. أنقذ فتاة باكستانية من الاغتصاب في المقطم.. أعاد «مقطورة» مسروقة إلى صاحبها وحمى سائقها من الحبس

فيتو

يحتفل المصريون من اليوم وغدًا، بمولد الإمام الحسين بن على رضى الله عنه، سبط رسول الله، وذلك بإقامة حلقات الذكر والمديح بالمشهد الحسينى، حيث ضريح الرأس الشريف، وتستمر الاحتفالات حتى ما بعد منتصف ليل غد الإثنين، ويقام حفل إنشاد للمنشد ياسين التهامى عند الباب الأخضر لمسجد الحسين.


يعتقد الصوفية أن «الولى» في حياته مثل السيف في جرابه، يحرص صاحبه أن يظل محاطا بالسرية في مسألة الكرامة، وألا تظهر عليه حتى لا يفتتن به الناس، حتى إذا مات استل السيف من غمده وانسابت الكرامات كالماء الرقراق يسبغ أرواح المريدين، والحسين بن على من أولياء الله الصالحين، ويعتقد مريدوه في كراماته اعتقادا واسعا.

كان منظره لافتا لكل من يدخل المسجد، يجلس في ركن قصى بجوار مقام الحسين، ويعبث بسبحة كبيرة ويرتدى عددا من المسابح في عنقه، ورأسه تحمل عمامة كبيرة، حتى تظن أنها ستسقط.

اقتربت منه، وألقيتُ عليه السلام، وعرفتُه بنفسى، عرّف نفسه على أنه «عادل حسين»، سألته عن كرامات الحسين؟، فاسند ظهره إلى حائط المسجد وتنهد بقوة، ثم جال بنظره في أرجاء المسجد قبل أن تعود عيناه الزائغتان إلىّ ليرد على سؤالى حول سر انجذابه لمقام الحسين.

همهم الرجل ببضع كلمات غير مفهومة في البداية، ثم انفجر باكيا وأخذ يردد بصوت منخفض: « من ذاق عرف.. من ذاق عرف».

ارتفع صوت الرجل تدريجيا حتى أصبح صراخا وعويلا، بعدها هدأ واستكان، ثم أعاد النظر إلىّ، وقال « أنت ناديت.. وأنا لبيتُ».
أضاف «عادل حسين»: «منذ سنين طويلة تعبتُ من كثرة عددها، وأنا أتردد على مقام حفيد النبى، ليس من أجل التقرب إلى الله بواسطته، كما أنى لا أعبده حاشا لله تعالى، ولكن « العشق هو سر البلوى.. وأنا عشقتُ الحسين وتهتُ في طريق التصوف».

ثم أردف قائلا: «ينكر علينا السلفيون أحوالنا وأوضاعنا معتقدين أننا عباد المقام، وهذا افتراء وكذب بل نحن عباد الله ولكننا نعبده بالحب لا بالخوف، وهذا ما يربطنا بآل البيت وبالحسين».

انقذ فتاة من الاغتصاب
عن كرامات الحسين سرد عادل حكاية امرأة باكستانية مسلمة جاءت تزور الحسين في مولده، وكانت تصطحب معها ابنتها المراهقة، ولما نزلت من الفندق في ذكرى ميلاد الحسين، طلبت من سائق التاكسى أن يصطحبها إلى مقام الحسين بالقرب من وسط القاهرة، وفى الطريق لعب الشيطان برأس السائق، وزين له الفتاة المراهقة؛ فاتخذ السائق قراره باغتصابها، وقاد سيارته ناحية المقطم.

يقول عادل: فلما طال الطريق بدأت السيدة تشعر بالقلق خاصة عندما وقف بصرها عن رؤية أي شيء غير الرمال وامتداد واسع في الفراغ، تمتمت السيدة بآيات من القرآن الكريم داعية الله أن يحفظها هي وابنتها وألا يتركهما فريسة لهذا الشيطان.

في مكان بعيد داخل صحراء المقطم أوقف السائق سيارته، وتعلل بأنها تعطلت،زادت ضربات قلب المرأة وفتاتها وبدأ الخوف يتحول إلى طبول تدق القلب وتكاد تشق الصدر، وبدأت الأعين تترقب، وقبضت المرأة على يد ابنتها التي تجمدت خوفا من الموقف.

أمرهما السائق بالهبوط من السيارة حتى يصلحها، نزلا وهما خائفتان يقبضان على أيدى بعضهما، وفور أن استقرا على الأرض، هجم السائق على المرأة يقيد معصميها، والفتاة في ذهول من الموقف،والمرأة تحاول المقاومة، ولكن دون جدوى، تمكن منها سائق التاكسى، وقيد معصميها إلى السيارة، وبدأت نظراته تتحول ناحية الفتاة التي رأت فيه ذئبا شهوانيا لا يرتدع ولا يخاف الله، صرخت الفتاة ودافعت عن نفسها، وصرخت المرأة صراخا كثيرا، محاولة منع السائق من ذلك، واعجزها القيد عن الحركة؛ فبكت بكاء مريرا، وأخذت تردد آيات القرآن وتشنج صوتها، واختلطت الكلمات بالنحيب، ورددت كلمات كثيرة، ووسط الرهبة نادت الله « اللهم إنك تعلم أنه لم يأت بى إلى هذه البقعة من الأرض إلا الحب؛ فحبى لحفيد النبى هو ما ساقنى إلى هذا المصير، فهل ترضى يارب بأن تغتصب ابنتى مقابل هذا، وهل يرضى النبى وابن بنته بما يحدث لنا، وصرخت في الفضاء هل تقبل يا حسين باغتصاب ابنتى لأنها جاءت عاشقة لك راجية الله.»

لم يكد المجرم يتمكن من الفتاة ويشق عنها ملابسها، حتى ظهرت في الأفق سيارة من سيارات الشرطة يقودها ضابط جميل الطلعة، حلو الملامح، قوى البنية.

يقول عادل: بدأت الحياة تدب في أوصال المرأة من جديد عندما رأت السيارة قادمة نحوهم، وصرخت « الحقونا.. الحقونا» أفاق السائق على كلمات المرأة وصراخها، وأسقط في يده وارتجف قلبه وارتعدت فرائصه من الخوف لما رأى سيارة الشرطة على قيد أمتار منه.

نهض السائق عن الفتاة مفزوعا، هرولت الفتاة باكية مذهولة تلملم بقايا ملابسها لتستر جسدها، وتلقى بنفسها في أحضان أمها.
ألقى الضابط القبض على السائق المجرم، وذهب به إلى قسم الشرطة، وفى الطريق أعطى المرأة عباءة تستر بها ابنتها، ولما وصل الركب إلى قسم الشرطة، نزل الجميع ومعهم الضابط، وقدم المجرم لأيدى ضابط القسم، الذي شرع في تحرير المحضر،وسأل الضابط الواقف أمامه عن اسمه حتى يستكمل المحضر، فأخرج الضابط من جيبه بطاقة وضعها على المكتب ثم اختفى،ولما مد ضابط القسم بصره إلى البطاقة وجدها مكتوبا عليها «الحسين بن على».

مجذوب في حب الحسين أكد عادل أنه منذ تلك الواقعة، تحول «السائق الآثم» إلى مجذوب في حب الحسين، ولم تخالف المرأة وابنتها احتفالا للحسين.

بجلبابه الواسع الفضفاض والسبحة الطويلة التي تعبث بها أصابعه، جلس الحاج محمد – هكذا عرف نفسه لنا - بجوار ضريح الحسين، اقتربتُ منه فافسح لى مكانا، وقدم لى رغيفا شكرته عليه، فقال « دى نفحة.. والنفحة ما ترجعش» قبلتها منه شاكرا، وسألته عن كرامات الحسين، فقال لو لم تكن للحسين كرامة سوى هؤلاء الناس، مشيرا إلى النساء والرجال المتراصين حول المسجد، لكفاه.

ثم استطرد: إنهم لا يعرفون لأنفسهم مكانا وملاذا سوى مسجد الحسين ومقامه، ومع ذلك يعيشون يأكلون ويشربون، وينجبون وأبناؤهم يكبرون في رحاب الحسين وبفضل حبه، قلت له أريد كرامة حية، فحمد الله وتمتم بكلمات كثيرة لم أفهم منها غير « لا إله إلا الله» وبدأ يقص علىّ القصص.

سائق المقطورة
قال الحاج محمد: قبل عام من الثورة كان هناك رجل يعمل سائقا على سيارة كبيرة في إحدى شركات المقاولات الكبرى، وفى ذكرى مولد الحسين، كان مطلوبا منه أن ينقل حمولة من الحديد على السيارة من القاهرة إلى إحدى محافظات الصعيد، وبعد أن شد حمولته على سيارته، جذبه الحب لزيارة الحسين في ذكرى مولده فركب سيارته، وقادها حتى وصل إلى مقر مشيخة الأزهر بالدراسة، وهناك تركها على الطريق السريع، ومضى سيرا على الأقدام حتى مسجد الحسين.

حضر الرجل الاحتفال وأخذته النشوة، ونسى السيارة، وعاد إلى أهله ومنزله، ونام في بيته، وفى الصباح تذكر أمر السيارة التي نسيها بالأمس، فمضى إلى مكانها فلم يجدها، فذهب إلى مقر عمله ليطلع صاحب العمل بما حدث، فلم يصدق صاحب العمل الرواية، واتهمه بسرقة السيارة وحمولة الحديد، واستدعى له الشرطة، ولما وقف في قسم الشرطة سأله الضابط عم حدث، فقال له: لا تسألونى أنا، ولكن اسألوا الحسين عن السيارة، فظن الضابط أن السائق يريد خداعه حتى يعتقد أنه مجنون وغيرمسئول عن تصرفاته، وانهال عليه ضربا، والسائق لا يردد غير: اسألوا الحسين اسألوا الحسين، واحتجزوه في القسم لا ستكمال التحقيقات، وفى صباح اليوم التالى اتصل صاحب العمل الذي كان ينتظر حمولة الحديد، وسأل صاحب الشركة عن سائق السيارة لأنه وجد السيارة بحمولتها ولم يجده وبحث عنه كثيرا، ولم يجده،حتى خشى أن يكون أصابه مكروه، لم يصدق صاحب الشركة ما سمع وذهل من الموقف، وبدلا من أن ينطق بكلمات تعجب قال « الله أكبر.. الله أكبر» وأغلق الهاتف وانطلق إلى مقر القسم، يطلب التنازل عن المحضر، واصطحب معه السائق المبروك ببركات الحسين.
الجريدة الرسمية