رئيس التحرير
عصام كامل

أمينة السعيد أول فتاة تعمل بالصحافة.. بنت الصعيد حملت هموم الجنوب في كتاباتها وكرست حياتها لقضايا المرأة.. ورفعت الستار عن مجتمع ظلامي فاتهمت بالكفر

أمينة السعيد
أمينة السعيد

رائدة الأدب النسائي في جيلها، وما زالت تمثل رمزًا من رموز الأدب النسائي حتى يومنا هذا، أول فتاة تعمل بمجال الصحافة؛ لتتخذها منبرًا للدفاع عن حرية النساء في العمل وفي المجتمع كافة، هي أمينة السعيد التي ولدت في 20 مايو عام 1914 في إحدى مراكز محافظة أسيوط، كان والدها أحمد السعيد يعمل طبيبًا وانتقل من المنصورة إلى أسيوط للعمل، بعدها قرر الاستقرار في القاهرة؛ لأنه كان يرى أن هناك دورا كبيرا ستحققه القاهرة في تعليم أبنائه.


كانت المحطة الأولى في حياة أمينة السعيد، عند بلوغها سن الخامسة عشر، تعرفت فيه على هدى شعراوي، مؤسسة الاتحاد النسائي آنذاك، عملت هدى شعراوي في ذلك الوقت على تبني السعيد فكريا، ساعدتها حتى الالتحاق بالجامعة لتصبح السعيد ضمن الدفعة الأولى من الفتيات اللاتي التحقن بكلية الآداب عام 1931، حصلت على الليسانس في قسم اللغة الإنجليزية عام 1935.

السعيد أول صحفية من جنسها
كانت الصحافة في ذلك الوقت تعد مهنة ذكورية فقط، فلم يسبق أن عمل أي من الفتيات بهذه المهنة التي تعد مهنة البحث عن المتاعب، فكسرت "السعيد" هذه النظرية بانضمامها لفريق مجلة "الأمل" في ذلك الوقت ثم مجلة "الشرق" و"آخر ساعة" و"المصور"، كما كان لـها بعض المشاركات في التمثيل منها مسرحية "المرأة الجديدة " للكاتب الكبير توفيق الحكيم، وكانت أول صحفية تعمل بدار الهلال بأجر ثابت، اختيرت بعد ذلك كرئيس تحرير للمجلة النسائية "حواء" والتي صدر عددها الأول في عام 1954 كما كانت أول رئيس مجلس إدارة الهلال وحصلت على عضوية النقابة كأول سيدة تحصل عليها أيضا ثم شغلت منصب وكيل نقابة الصحفيين عام 1959.

المرأة في كتابات أمينة السعيد
ربما المرحلة التي نشأت فيها كانت عاملا كبيرا في تبنيها قضية الدفاع عن المرأة، خاصة وأن هذه المرحلة انتشرت أفكار ترسخت في المجتمع بعدم تعليم البنات في قرى ومحافظات مصر، فضلا عن قضية الاختلاط في التعليم والعمل أيضا، وهو ما جعلها تكون من الأوائل في مناهضة هذا الفكر داعية إلى تحرر النساء من تلك القيود الشرقية التي تسلب المرأة حقها في الحياة، فهي كانت ترى أن سلب حق التعليم والعمل من المرأة بمثابة سلب الحياة منها.

هجوم رجال الدين على "السعيد"
أثارت دعوات السعيد للمرأة بخلع الحجاب، وعدم التقيد بأحكام الشريعة، هجوما شديدا من رجال الدين في ذلك الوقت، ومن المواقف الشهيرة لها بعد هزيمة 67 والتي شهدت فيها عودة الكثير من النساء إلى الحجاب، فقالت السعيد وقتها "أنا حزينة أن البنات اليوم لا يدركن حجم التضحيات التي قدمناها لتخلع المرأة الحجاب" وهو ما دفع البعض لاتهامها بأنها من دعاة الانحلال في المجتمعات العربية.

أمينة السعيد الأم
في إحدى حواراتها الصحفية قالت أمينة السعيد عن تعاملاتها مع أبنائها: ابنتي الكبرى إنجي في كلية الزراعة، وثانى أبنائى حازم مدير مبيعات في شركة موبيل أويل، وثالث أبنائي باسل اختار لنفسه الأعمال الحرة، أعطيتهم جميعا كل ما حرمت منه أنا شخصيا، وهو ليس حرمانا ماديا بل معنويا، فأنا حرمت منذ الصغر من الحرية فأدخلتهم مدارس مشتركة منذ الصغر، فعندما وصلوا إلى المرحلة الجامعية كان الاختلاط شيئا عاديا بالنسبة لهم، واتبعت في تربيتهم أسلوب الإقناع ولم أستعمل الضرب كوسيلة للعقاب أبدا معهم، ولكن كانت كلمتنا مقدسة وواحدة لا تتغير وعقابى لهم دائما كان عقابا معنويا أجنبهم الإسراف والتبذير بعد أن لاحظنا أنا ووالدهم عدم تقديرهم للمادة لصغر سنهم، فكانوا يسرفون في استهلاك الحلوى والمشروبات الغازية بدون وعى بأن يطلب الطفل الحلوى والمياه ولا يكاد يتذوقها حتى يتركها إلى متعة أخرى.

مؤلفاتها
عرفت طوال مشوارها الإبداعي بالمواجهة الفكرية للأفكار الرجعية، كما كان من أهم أبوابها في ذلك الوقت هو باب "اسألوني" في مجلة "المصور" والتي ظلت تكتب فيه ما يقرب من أربعين عاما، تناولت فيه أهم القضايا وكانت تجيب على كافة الأسئلة التي توجه إليها، ضمن أهم مؤلفاتها: آخر الطريق، الكهف الكبير، وجوه في الظلام، من وحي العزلة، مشاهداتي في الهند.

الأوسمة التي حصلت عليها:
حصلت الكاتبة والصحفية أمينة السعيد خلال مشوارها على العديد من الأوسمة منها وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى عام 1963 والذي منحه لها الراحل جمال عبد الناصر، ووسام الجمهورية من الدرجة الأولى عام 1970، وسام الكوكب الذهبى الدولية عام 1975، وأخيرًا وسام الفنون والآداب من الدرجة الأولى، ومنحها الرئيس السادات وسام الجمهورية في يوم الصحفي عام 1981.
الجريدة الرسمية