من السينما إلى الواقع، كيف أعاد زفاف كروان مشاكل أجواء فيلمي اللمبي والفرح؟
على مدار سنوات كان “الفرح” في مصر ليلة احتفال جماعي عنوانها السعادة الخالصة للزوجين وأسرتهما وأحبائهما احتفاء ببدء حياة جديدة للعروسين لها طقوس خاصة توارثتها الأجيال، وكان كل جيل يضع بصمته الخاصة في تفاصيل الشكل الخارجي لحفلات الزفاف، ولكن ظل المفهوم ثابت وهو أنها “ليلة العمر” والفرحة التي ينتظرها الزوجان وكل من يحبونهم ولا أى شيء آخر.
ومع تغير الزمن وتزايد ضغوط المعيشة وبعدما أصبحت “السوشيال ميديا” تسيطر على العقول والحياة، اكتسب “الفرح” مفاهيم أخرى، إذ تحول في بعض الحالات إلى وسيلة للربح، وأحيانًا إلى ساحة فوضى، هذا التحول تجلى بشكل واضح في فرح التيك توكر كروان مشاكل الذي تصدر التريند بسبب الفوضى العارمة التي أحاطت به والأحداث الصادمة التي خرجت عن إطار الاحتفال الطبيعي وكانت أشبه بمشاهد من أفلام سينمائية.
فرح كروان مشاكل
أعاد فرح كروان مشاكل وما حدث فيه من زحام والدخول للحصول على مكاسب مادية إلى الأذهان فيلمي الفرح واللمبي، فقد بدا الأمر وكأنه تجسيد حديث للفكرة ذاتها، وهي تحويل حفل الزفاف إلى مشروع للحصول على المال.
ففي فيلم “اللمبي” الذي أنتج عام 2002، لم يكن الفرح مجرد احتفال بارتباط عروسين يسعون لبدء حياة جديدة بقدر كونه وسيلة لاسترداد “النقوط” التي دفعها والد اللمبي سابقًا في أفراح الآخرين في محاولة لسداد اللمبي لديونه وتجاوز أزماته المادية، ورغم الطابع الكوميدي، فإن الرسالة كانت واضحة وهي أن الفرح كان وسيلة لجمع المال بقدر ما هو طقس هدفه الفرحة الحقيقية.
ولم يمر حفل الزفاف على خير حيث تعرضت العروس “نوسة” لحادث حيث اشتعلت بها النيران ليطل اللمبي ونوسة على “المعازيم” بمظهر صادم عاد إلى الأذهان وتداوله نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بعدما شبهه البعض بمظهر كروان مشاكل وعروسته إثر ما حدث في حفل زفافهما من فوضى.


أما فيلم “الفرح” الذي تم إنتاجه عام 2009، فقد ذهب أبعد من ذلك، إذ أقام زينهم (خالد الصاوي) فرحا كاملا على أساس وهمي وصوري، بهدف واحد وهو استرداد النقوط الذي سبق وقدمه للآخرين من قبل واستخدام المال من أجل شراء “ميكروباص” لتلبية احتياجات أسرته.

وفي فرح كروان مشاكل، تغير المشهد قليلًا، فالفرح صار محتوى تم صناعته من أجل المشاهدات، و"المعازيم" لم يكونوا فقط من العائلة والأصدقاء، بل صاروا آلاف المتابعين على المنصات، والنقوط تحول إلى هدايا رقمية تتحول بدورها إلى أموال، واللحظة التي كانت تحفظ في الذاكرة أصبحت تستهدف أكثر من ذلك، فتراجع المعنى الإنساني لصالح سباق التريند واللهث وراء المال.
في النهاية، يكشف فرح كروان مشاكل أن السوشيال ميديا لم تغير شكل الفرح فقط، بل أعادت تشكيل وعي جزء كبير من المجتمع به، كما أن المنصات التي تكافئ الصخب وتمنح الشهرة في دقائق دفعت البعض للتعامل مع حفلات الزفاف والزواج بصفة عامة كوسيلة لزيادة المشاهدات والتفاعل ومن ثم المشاهدات لا كميثاق غليظ، وشيئًا فشيئًا، غابت القيم وفي مقدمتها الخصوصية والوقار والمعنى الحقيقي للزواج لصالح لهاث دائم خلف “التريند” والمادة.