فقاعة الذهب.. وجنونه
لم يحدث في تاريخ مصر أن حدثت فقاعة للذهب إلا في أكتوبر عام 1980، عندما ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 من 6 جنيهات في يناير إلى 214 جنيهًا في ديسمبر من نفس العام، بسبب تحويل الدولار إلى عملة مضاربة سوقية دون غطاء ذهبي، مما أدى إلى زيادة التضخم بشكل رهيب وقلة الثقة في الدولار عالميا وإفساد الاحتياطي الدولاري في العالم.
وفارق كبير بين فقاعة 1980، عندما حدث ارتفاع مفاجئ وكبير ومتسارع بسعر الذهب وبين الفقاعة الحالية والتي حقق فيها مكاسب قوية في مصر والعالم خلال 2025، حيث قفز سعر جرام الذهب عيار 21 من 3730 جنيهًا إلى 6200 جنيه، بزيادة 65% منذ بداية العام تقارب 2500 جنيه للجرام.
في 1980 سرعان ما عاد المعدن الأصفر للانخفاض، لكن التوقعات والتقديرات تشير إلى أن ما يحدث من جنون في سعر الذهب مصريًا وعالميًا الآن لن يتوقف، وأنه لن يعاود الانخفاض بل سيصل إلى 5000 دولار للأوقية، و7 بل و8 آلاف جنيه لعيار 21 بمصر، حسب توقعات الخبراء في العام الجديد 2026..
وذلك لعدة أسباب أهمهما من وجهة نظري المتواضعة تزايد إقبال البنوك المركزية في العالم على شرائه، حتى أصبح يمثل قرابة 20% من الاحتياطيات الرسمية العالمية، وهي أعلى نسبة منذ عام 1996، مع احتمال ارتفاع حصة الذهب في محافظ المستثمرين إلى ما بين 4% و5%.
بقى أن أشير إلى إحصائية لها دلالة عن الجنيه المصري، كان يساوي جنيه ذهب عام 1950، اليوم الجنيه الذهب يساوي 50 ألف جنيه تقريبًا.
بالتزامن مع فقاعة الذهب بالارتفاع، خفض البنك المركزي المصري الخميس الماضي أسعار الفائدة للمرة الخامسة خلال عام 2025 إلى 16% بحد أقصى، بسبب مؤشرات انخفاض الأسعار وبالتالي التضخم.
وبصرف النظر عن انخفاض الأسعار وبالتالي التضخم من عدمه، فقد أغرت الفائدة البنكية المرتفعة التي تم إعلانها مطلع 2024 الكثير من المصريين، حتى إن هناك من باع ذهبه ليشتري شهادات بالعائد المرتفع ظنا منهم أن هذا الوضع سيستمر سنوات..
ثم مالبث أن خفضها المركزي بشكل سريع ومتوالي وكبير خلال العام المنتهي بنفس طريقة صعود الذهب، ليضع أصحاب المدخرات البسيطة والمعاشات في مأزق انخفاض الدخل البسيط الذي يغطي تكاليف الحياة، ولتزداد الأعباء المعيشية عليهم.
أما ثالث أضلاع سلة مدخرات المصريين في 2025 وهو الدولار، فقد خسر من راهن عليه لأنه انخفض على مدار العام بنسبة ضعيفة لا تتجاوز الجنيهين، وهو ما أعطي ثباتا واستقرارًا للورقة الخضراء ومنع ظهور السوق الموازية لها، والتي عانى منها الاقتصاد المصري كثيرًا، وذلك رغم القفزة الكبيرة في سعره خلال العشر سنوات الأخيرة.
* يبدو أن البعض أساء فهم الدعوة التي أطلقتها النيابة العامة للمواطنين لإرسال مقاطع مصورة أو تسجيلات تتضمن وقائع جنائية موثقة بالفيديو عبر الواتس آب إليها، فراحوا ينتهكون خصوصية الناس وحرياتهم الشخصية ويصورونهم خلسة وغدرًا دون علمهم بكاميرا موبايلاتهم وهم يتحدثون عفويًا ثم يقومون بتشيير تلك الفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي، وكان آخر تلك الانتهاكات ما حدث مع الفنانة ريهام عبد الغفور مؤخرًا أثناء حضورها لعرض سينمائي خاص.
منذ شهر قام شخص بتصوير شخص ثاني بموبايله بالفيديو وهو يتحدث بعفوية عن مؤسسة رياضية وتشييره على الفيس بوك، فقامت المؤسسة الرياضية بمقاضاة الشخص الثاني على الإساءة باعتبارها تمثل إساءة لها من وجهة نظرها، فقام الشخص الثاني بمقاضاة الأول على تصويره دون علمه ودون موافقته.
وقبلها أحيل أشخاص في القضية الشهيرة بواقعة المحور -من قام بالتصوير ومن تم تصويرهم للمحاكمة- الأول بتهمة انتهاك الحياة الخاصة والثاني بتهم ارتكاب فعل فاضح، فأدين الأشخاص وتم تبرئة المصور.
في أوروبا تختلف عقوبة انتهاك خصوصية الآخرين بالتصوير والتشهير حسب قوانين كل دولة، ولكنها تشمل عادة الغرامات المالية، الحبس أو كليهما.
في عالم التطورات التكنولوجية المجنونة الذي نعيشه، يمكن لأي شخص أن يفاجأ بصورته مزورة وقد خضعت لتعديلات في الشكل والمضمون منشورة على الفيس بوك مثلاُ بفعل الذكاء الصناعي، ويتم التشهير به من جانب أولئك الذين ينتهكون خصوصية الآخرين بالمخالفة للقانون.
وهكذا صرنا في مصر نعيش فوبيا تصوير الناس وهوجة تقاضي.. ولا يبدو أن هناك في الأفق حل رادع يوقف هذه الممارسات الخاطئة؟
وبما أن الأمر كذلك، أظن أن الذكاء والكياسة يقتضيان أن تنتبه كل شخصية عامة أو مشهورة إلى أن عيون الكاميرات تتركز وتتسلط عليهم في كل مناسبة أو حدث، وأن يحسنوا التصرف والكلام حتى يجنبوا أنفسهم الوقوع في فخ تلصص الكاميرات، فتلك للأسف هى ضريبة الشهرة.
* بعد نشر مقالي: كلب لكل مواطن، بالتزامن مع نشر أكثر من زميل صحفي عن نفس الظاهرة التي استشرت واستفحلت في شوارع مصر، تم الإعلان تخصيص 12 قطعة أرض في 12 محافظة لإقامة مراكز إيواء للكلاب الضالة، على أن تكون في أطراف المدن وبعيدا عن الكتل السكنية التي تنتشر بها الكلاب، من بينها 2800 متر بمدينة التبين بالقاهرة و2100 متر مربع بمدينة جمصة بالدقهلية.
فإذا كانت الاستجابة من قبيل الصدفة، فشكرا للصدفة، أما إذا كانت استجابة لما كتبناه، فشكرًا للاستجابة.