نتنياهو وترامب زواج كاثوليكي، علاقات معقدة بدأت بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل".. وانتهت بتقنين احتلال الجولان.. وفرض هدنة هشة لضمان هيمنة إقليمية للكيان الصهيوني
محطات حميمية كثيرة جمعت بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب بالمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة، والذي بدأ زيارة إلى الولايات المتحدة اليوم الاثنين.
فمنذ اللحظة التي وطأت فيها قدم ترامب البيت الأبيض للمرة الأولى في 20 يناير 2017، وصف الرئيس الأمريكي نتنياهو بـ"المحارب"، فيما رد رئيس الوزراء الإسرائيلي الهدية واصفا ترامب بـ"أعظم صديق حظيت به إسرائيل في البيت الأبيض".
عبارة نتنياهو الموجزة لا تنفصل عن واقع الخدمات التي قدمها سيد البيت الأبيض للاحتلال الإسرائيلي خلال ولايته الأولى للبيت الأبيض وحتى اليوم؛ ومنها إعلان ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، في 6 ديسمبر 2017، في مشهد أعاد للأذهان وعد بلفور الشهير، حيث "أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق".
نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة
تحول اعتراف ترامب إلى موقف علني في 14 مايو 2018؛ حيث أصدر قراره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، ضاربا عرض الحائط بالاحتجاجات الرسمية والشعبية الرافضة للقرار.
ووصف نتنياهو افتتاح السفارة الأمريكية بأنه "يوم مجيد"؛ وزاد نتنياهو تاريخية هذا اليوم بتقديم قرابين 60 شهيدا فلسطينيا على يد قوات الاحتلال خلال مظاهرات رافضة للقرار في غزة.
ومنح قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة الضوء الأخضر لسلطات الاحتلال كي تمضي في فرض سيطرتها الكاملة على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة، ودعم سياسة الاحتلال القائمة على التهويد والتهجير وضم الأراضي.
ترامب يدعم "بيبي" في إيران
في 8 مايو 2018، أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، وهو ما أشاد به نتنياهو قائلًا: "لقد فعل الرئيس ترامب الصواب".
وامتدت خطوط الدعم الأمريكي لـ"بيبي" –اسم التدليل المفضل لرئيس الوزراء الإسرائيلي- في حربه ضد إيران على استقامتها في العام الحالي 2025؛ إذ شنت الولايات المتحدة الأمريكية في يونيو الماضي ضربات باستخدام قاذفات "بي-2" استهدفت المنشآت النووية في أصفهان ونطنز وفوردو، والتي كانت مخبأة تحت جبل على عمق نصف ميل.
وقد سبقت هذه الضربات هجمات إسرائيلية أسفرت عن مقتل قادة عسكريين إيرانيين رفيعي المستوى و14 عالما نوويا على الأقل.
وأكد ترامب عبر منصته "تروث سوشيال" أن الضربات أبادت المنشآت النووية الإيرانية، مشيرا إلى أن الأضرار الأكبر حدثت تحت الأرض.
اغتيال فريق العقول النووية في إيران
وبحسب جريدة "واشنطن بوست"، فقد تزامنت الضربات الأمريكية الإسرائيلية المشتركة مع تزامن ذلك مع خطة وضعها مسئولو الأمن الإسرائيلي لاستهداف "ثقة العقول"، أو ما يمكن وصفه بـ"فريق العقول المدبرة"، وهم جيل من المهندسين والفيزيائيين الإيرانيين الذين اعتقد مسؤولو المخابرات الأمريكية والإسرائيلية أنهم يعملون على تحويل المواد النووية الانشطارية إلى قنبلة ذرية؛ حيث أعلنت "إسرائيل" أنها اغتالت في المجمل 11 من كبار العلماء النوويين الإيرانيين في 13 يونيو وما بعدها.
وتضيف الجريدة: عندما زار نتنياهو ترامب في بداية ولاية ترامب الثانية، قدم أربع رؤى حول كيفية شن الهجوم على إيران، الأول أن تبدأ "إسرائيل" الهجمات، والثاني أن تأخذ "إسرائيل" زمام المبادرة مع تمتعها بالحد الأدنى من الدعم الأمريكي؛ والثالث هو التعاون الكامل بين الحليفين؛ فيما وكان الخيار الأخير هو أن تأخذ الولايات المتحدة زمام المبادرة، وهو ما حدث بالفعل.
اعتراف ترامب المتجدد بالسيادة الإسرائيلية على الجولان
ومن غزة إلى سوريا، حيث أصدر ترامب قرارا في 25 مارس 2019، اعترف فيه بـ"سيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان"، والتي احتلتها "إسرائيل" بعد نكسة 1967، وضمتها إليها عام 1981، في خطوة لم يعترف بها دوليًا. ورد نتنياهو هدية ترامب قائلا: "لم يكن لإسرائيل صديق أفضل في البيت الأبيض".
وكالعادة، لم يتوقف ترامب عن تقديم الهدايا لـ"بيبي"، حيث صرح في ديسمبر الجاري بأنه منح "إسرائيل" الجولان خلال ولايته، معتبرا أن المنطقة تشكل "مكسبا استراتيجيا" لـ"تل أبيب"، واصفا إياها بأنها غنية بالموارد ولها أهمية أمنية خاصة لـ"إسرائيل".
وأشار إلى أنه اتخذ هذا القرار بشكل مباشر ودون تردد، مؤكدا تمسكه باعترافه السابق، في تصريحات أعادت الجدل حول خلفياتها السياسية، من دون أن تحمل أي تغيير في الواقع القانوني للجولان بوصفه أرضا سورية محتلة وفق قرارات الشرعية الدولية.
ضوء ترامب الأخضر لهيمنة إسرائيلية على كامل المنطقة
والمحصلة، هي أن سياسات ترامب الداعمة لـ"بيبي" لن تدفع سوى إلى مزيد من الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة كلها، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والذي وصفته جريدة "ذا جارديان" بـ"الوهم".
وتقول الجريدة: أي نوع من وقف إطلاق النار هذا؟ أي وضع راهن هذا؟ إنه وضع متقلب وغير مستدام، وضع لا يتوقع فيه أي عاقل أن يتحقق أي نوع من السلام، لا في فلسطين ولا في الشرق الأوسط الأوسع.
وتضيف: قد يردد الوسطاء وأصحاب المصلحة والدبلوماسيون لغة وقف إطلاق النار التدريجي، وخطط إعادة الإعمار، لكن الحقيقة هي أن هذه خطط لمستقبل لن يتحقق إلا إذا انتهت أفعال إسرائيل غير القانونية على أراض لا تملك أي حق قانوني فيها.
وتابعت: إن الوهم الخطير بعودة الحياة إلى طبيعتها لا ينطبق على غزة فحسب، بل على فلسطين والمنطقة بأسرها. وسيتبدد هذا الوهم قريبا.