من تكميم الأذان إلى تشريع الإعدام.. 22 عاما من قوانين "القوة اليهودية" لترسيخ العنصرية في الأراضي المحتلة.. الحزب المتطرف يستهدف إعادة تشكيل المشهد الفلسطيني برؤية صهيونية
منذ أكثر من 22 عاما، راكم حزب "القوة اليهودية"، والذي يقوده اليوم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، قوانين أعادت تشكيل المشهد الفلسطيني قسرا، من السلاح والاستيطان إلى إعدام الأسرى وتكريس السياسات العنصرية الممنهجة في الأراضي المحتلة.
في 2003، تأسس الحزب على يد الرئيس السابق لحزب "كاخ" المحظور باروخ مارزل، الذي جرى تصنيفه كمنظمة إرهابية في عام 1994، إلى فرضها على الواقع الفلسطيني؛ ودفع منذ تأسيسه بقوانين عنصرية أهمها تسهيل حيازة الأسلحة الشخصية، ما يتيح للمستوطنين استهداف الفلسطينيين، فرض سياسات غير مسبوقة في التعامل مع الأسرى الفلسطينيين، والدفع باتجاه قانون إعدام الأسرى والذي ينص على فرض عقوبة الإعدام على "أي شخص يتسبب عمدا أو بشكل مهمل في وفاة مواطن إسرائيلي بدافع الكراهية العرقية أو الأيديولوجية، أو بهدف الإضرار بدولة إسرائيل"، ما يتيح إعدام الأسرى الفلسطينيين المدانين بتنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين.
تسجيل 3500 موقع أثري يهودي
وهناك أيضا، مشروع قانون يستهدف تسجيل حوالى 3500 موقع أثري يهودي في الضفة الغربية المحتلة، في إطار حملة ممنهجة لإعادة هندسة الضفة الغربية ديموجرافيا وجغرافيا.
كما دعم الحزب سياسات الاستيطان والعقوبات الجماعية ضد الفلسطينيين، وبادر إلى دعم تشريعات مثيرة للجدل كقانون "طرد عائلات منفذي العمليات"، والذي دعمه بقوة وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي المتطرف يسرائيل كاتس، معتبرا ان ذلك القانون "خطوة قد تكون أكثر فاعلية أمام موجة عنف الأطفال، والتي من شأنها أن تردع وتنهي هذه الظاهرة بعد عدة عمليات طرد، لأن هدم البيوت وحده لم يعد كافيا"، بحسب زعمه.
دعم إنشاء الخط القرمزي لتعزيز الاستيطان
وفي السياق، قاد "الحزب اليهودي" الصهيوني المتطرف مشروع إلغاء قانون فك الارتباط في شمال الضفة الغربية، بهدف تعزيز الاستيطان؛ فيما يدعن الحزب بقوة المخطط الإسرائيلي لإنشاء ما يعرف بـ"الخط القرمزي" الذي تعتزم سلطات الاحتلال الإسرائيلية إقامته بطول 22 كيلومترا في عمق غور الأردن سوى امتداد لمخطط "المليون يهودي" في الضفة الغربية المحتلة، والذي يستهدف زيادة عدد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة إلى مليون مستوطن وتعزيز الوجود الاستيطاني في تلك المنطقة بحلول عام 2050.
منع رفع الأذان في الأراضي المحتلة
يستهدف مشروع القانون الذي أعده "الحزب اليهودي" أكثر من ألف مسجد، موزعة ما بين حوالي 400 داخل الخط الأخضر، والذي يشير إلى الخط الفاصل بين الأراضي المحتلة عام 1948 والأراضي المحتلة عام 1967. إضافة إلى المسجد الإبراهيمي في الخليل، والذي يمنع فيه رفع الأذان أكثر من 600 مرة سنويا.
وتعد تلك الخطة امتدادا لسياسات استهداف الحيز الديني والثقافي ضد الفلسطينيين، حيث يعمل بن غفير، بالتعاون مع رئيس لجنة الأمن القومي في الكنيست، على صياغة مشروع قانون يقوم على مبدأ "الحظر كقاعدة عامة، والتصريح كاستثناء"، بما يعني منع استخدام مكبرات الصوت في المساجد إلا بعد الحصول على تصريح خاص، بحسب "المركز الفلسطيني للإعلام".
إجراءات حادة للسماح بالآذان
ويشترط المقترح إخضاع طلبات التصريح لسلسلة معايير، من بينها مستوى الصوت، ووسائل الحد من شدته، وموقع المسجد وقربه من مناطق سكنية، إضافة إلى تقدير ما تسميه الجهات المختصة "تأثير الصوت على السكان".
ويمنح مشروع القانون الشرطة صلاحيات واسعة للتدخل الفوري، إذ يتيح لأي شرطي المطالبة بوقف تشغيل مكبرات الصوت عند الاشتباه بخرق الشروط، وفي حال استمرار المخالفة، يمكن مصادرة منظومة الصوت بالكامل.
غرامات مالية مرتفعة تستهدف المؤذنين
وينص مشروع القانون على فرض غرامات مالية مرتفعة "لأغراض الردع"، تصل إلى نحو 15 ألف دولار في حال تشغيل المكبرات من دون تصريح، وحوالي 3100 دولار عند مخالفة شروط التصريح الممنوح.
ووفق ما أعلنه حزب "القوة اليهودية"، فإن مشروع القانون الجديد يختلف عن مشاريع قوانين سابقة تستهدف الأذان، كانت تقتصر على تقييد ساعات تشغيل مكبرات الصوت وتتيح استثناءات مع إنفاذ محدود.
وقال: إن المشروع الحالي "يقيم آلية ترخيص ورقابة منظمة، ويفرض مسؤولية شخصية واضحة على الجهة المشغلة، ويعزز بشكل كبير صلاحيات الإنفاذ والعقوبة".
سياسة عنصرية ممنهجة تستهدف فلسطينيي الأراضي المحتلة
وبحسب نص المقترح، فإن القانون يسعى إلى "تنظيم واضح يشمل حظرا افتراضيا، وتصريحا صريحا، وتعيين مسؤول عن التشغيل، وفرض غرامات كبيرة"، بهدف "إعادة الهدوء وجودة الحياة للسكان عبر إنفاذ فعال وواضح".
ويأتي مشروع القانون المطروح في سياق سياسة عنصرية ممنهجة تستهدف فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48، ضمن مشروع متطرف يسعى لتكريس السيطرة الأمنية على المجال العام الفلسطيني.
رجل تسكنه الكراهية
يشار إلى أن الصحافة الإسرائيلية ذاتها وصفت بن غفير بأنه "رجل تسكنه كراهية مرضية للعرب"، فيما علقت صحيفة هاآرتس على نجاحه وحزبه في انتخابات الكنيست التي جرت في 2022 بـ"اليوم الأسود في تاريخ إسرائيل".
ويعرف بن غفير بمواقفه العنصرية والعدائية تجاه العرب، إذ يروج لفكرة إخراج العرب من فلسطين بالقوة ويعارض التعايش معهم. يعتقد بن غفير أن اليهود في جميع أنحاء العالم يجب أن يهاجروا إلى فلسطين.